للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو المحقق للربا في مبادلة المثلين؟

بعد الفراغ عن بيان آراء الفقهاء لا بد من البحث فيما هو المحقق للربا في مبادلة الذهب بالذهب فنقول: قال ابن رشد: المسألة الأولى: أجمع العلماء على أن بيع الذهب بالذهب والفضة لا يجوز إلا مثلا بمثل يدا بيد – إلى أن قال – وأما الجمهور فصاروا إلى ما رواه مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض)) (١) .

وروى الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: الفضة بالفضة مثلا بمثل والذهب بالذهب مثلا بمثل ليس فيه زيادة ولا نقصان الزائد والمستزيد في النار (٢) .

وقال الوليد بن صبيح سمعت أبا عبد الله يقول: الذهب بالذهب والفضة بالفضة الفضل بينهما هو الربا المنكر (٣) .

إلى غير ذلك من النصوص الصريحة في حرمة الزيادة في مبادلة الذهب بالذهب والفضة بالفضة وعدم جواز زيادة أحدهما على الآخر، بل لا بد من أن يكونا مثلا بمثل ووزنا بوزن. ومع زيادة أحدهما على الآخر فهو الربا المحرم المجمع على حرمته وفساده.

وأما إذا كانت المبادلة فيما بين مقدار من الذهب كالدينار ومقدار أقل منه كنصف دينار مع ضم جنس آخر – كثوب مثلا – إليه فليست من مصاديق مبادلة الجنسين المتماثلين إذ المفروض كون المثمن ذهبا وثوبا معه، فهو خارج عن معقد الإجماع والنصوص المبنية لموضوع الربا لعدم كون الثمن والمثمن كليهما ذهبا محضا معه فلم يتحقق التفاضل في الجنس الواحد، إذ المبادلة وقعت فيما بين مجموع الثمن وهو الدينار ومجموع المثمن وهو نصف دينار وثوب، ولا يلاحظ كل جزء من الثمن في مقابل كل جزء من المثمن – لا لغة ولا عرفا ولا شرعا – بل الملحوظ كل الثمن في قبال كل المثمن.

وبتعبير آخر: أنا حتى لو فرضنا كون الملحوظ للمتعاملين كل جزء من الثمن في قبال كل جزء من المثمن فمع ذلك ليست هذه المبادلة من مصاديق مبادلة الذهب بالذهب مع التفاضل، وذلك لأن النصف من الدينار في الثمن يلاحظ مع النصف من الدينار في المثمن، والنصف الآخر من الدينار يلاحظ في قبال الثوب، ومعه فلا يلزم الربا وتشمله أدلة حلية البيع والتجارة عن تراض.


(١) البداية والنهاية: ٢/١٩٥
(٢) وسائل الشيعة: كتاب التجارة – الباب ٩ من أبواب الصرف الحديث١
(٣) وسائل الشيعة: كتاب التجارة – الباب ٩ من أبواب الصرف الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>