للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موت الأعضاء وموت الإنسان:-

وفي ضوء ما سلف نستطيع أن نستوعب إعلان سيدني (١) "الذي صدر عن اتحاد الأطباء العالمي في جمعيته الثانية والعشرين في سيدني باستراليا سنة ١٩٦٨م، وجاء فيه "أن الموت على مستوى الخلية (أو مستوى الأنسجة) عملية تدريجية، والأنسجة تختلف في تحملها لحرمانها من الأكسجين، وليس المهم تحديد موت الأعضاء المختلفة أو مجموعات الخلايا، وإنما المهم التأكد من أن عملية الموت قد وصلت إلى نقطة لا يمكن عندها وقفها مهما استعمل من وسائل العلاج والإنعاش. وأن وجود عضو أو مجموعة من الخلايا حية لا يغني بالضرورة أن الكائن ذاته حي".

وربما اتضح ذلك أكثر إذا تذكرنا أن القلب يستمر في الضرب بعد أن يشنق صاحبه، وقد جرت عادة المنفذين أن يسجلوا المدة التي استمر فيها النبض بعد التنفيذ، وما نشاهده الآن من نقل كلية من أمريكا أو أوروبا بالطائرة لتزرع في مريض في الكويت مثلًا، وهي كلية حية لمريض مات ودفن قبل أن تزرع، وما نعرفه من إمكان استزراع خلايا بشرية مرة بعد مرة في المختبر بعد فصلها عن صاحبها.

ويبذل أهل الاختصاص جهودًا متنامية للإبقاء على حياة هذه الأعضاء أو تلك الخلايا أطول مدة ممكنة بحفظها مثلًا في درجة حرارة معينة، وقد تصل إلى التجميد، أو بإبقائها في سائل ذي خواص معينة جار أو غير جار، يمر أو لا يمر خلاله الأكسجين.

كيف يحدد الموت:-

وهنا لا بد أن تنشأ قضايا أو أسئلة، هي ما نحاول في ندوتنا هذه أن نجيب على بعضها.

أولها كيف يحدد الموت؟ حتى يترتب على هذا التحديد ما يترتب من قضايا فقهية وقانونية لا غنى للناس عنها.

وهذا سؤال قديم لم يزل الناس على مر العصور يجتهدون في تحري الدقة في الإجابة عليه، وفي اتباع إجراءات تتيح الرصة لبعض التصحيح إن كان القرار خاطئًا، أو للتثبت إن كان الشك قائمًا. (٢)

وقد نذكر من بعض الوثائق صورة الراهب الذي يمر بشمعة مضاءة أمام وجه الميت حتى يتأكد أن التنفس قد توقف، ونذكر تعليمات المستشفيات منذ كنا طلبة للطب أن يسجل الطبيب في أوراق المريض الذي شهد وفاته ما قام به من محاولات لإسعافه أو إنعاشه ثم يكتب: ينقل إلى غرفة الموتى بعد ساعتين.

ومنذ ظهرت السماعة الطبية تركز الانتباه على دقات القلب كعلامة مؤكدة على استمرار الحياة تتوقف بتوقفها.


(١) BMJ ١٩٦٨, ٣, ٤٩٣ - ٤٩٤
(٢) Jennet, B ١٩٨١ B. J. Anaesth, ٥٣, ١١١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>