للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* أما المالكية الذي منعوا السلم الحال، لكنهم لم يشترطوا تسليم رأس المال في مجلس العقد، وأجازوا تأجيله اليومين والثلاثة لخفة الأمر، فقد عرفوه بأنه "بيع معلوم في الذمة محصور بالصفة بعين حاضرة أو ما هو في حكمها إلى أجل معلوم " (١) .

فتعبيرهم: "أو ما هو في حكمها" يشير إلى جواز تأخير رأس مال السلم تأخيرا يسيرا، حيث إنه يعتبر في حكم التعجيل بناء على أن ما قارب الشيء يعطى حكمه في النظر الفقهي (٢) .وقولهم في التعريف: " إلى أجل معلوم" يبين وجوب كون المسلم فيه مؤجلا، احتراز من السلم الحال.

٣- ويسمي الفقهاء المشتري في هذا العقد "رب السلم" أو "المسلم"، والبائع "المسلم إليه"، والمبيع "المسلم فيه"، والثمن "رأس مال السلم" (٣) .

العلاقة بين المعنيين:

٤- لا يخفى وجود الصلة بين المعنى اللغوي والمعني الاصطلاحي للسلم، وذلك لأن السلم في اللغة معناه الدفع والإعطاء والتسليم، وفي اصطلاح الفقهاء هو عقد يقتضي إعطاء المشتري رأس المال وتسليمه للبائع – وهو المسلم إليه – معجلا، مقابل التزام البائع بأداء عين موصوفة في الذمة مؤجلة. وعلى هذا فالسلم بمعناه الاصطلاحي مستفاد من المعنى اللغوي وهو الدفع والتسليم (٤) . قال ابن فارس في "حلية الفقهاء": يقال: السلم، وهو أيضا من أسلمت الشيء، ولذلك لم يجز أن يتفرقا إلا عن قبض، لأنهما إن افترقا عن غير قبض الثمن لم يكن ذلك سلما، لأنه لم يسلم إليه شيئا" (٥) .

وذكر بعض المحققين وجها آخر للعلاقة بين المعنيين، فجاء في "أنيس الفقهاء" للقونوي:

" السلم: وهو لغة السلف. فإنه أخذ عاجل بآجل، سمي به هذا العقد لكونه معجلا على وقته، فإن وقت البيع بعد وجود المبيع في ملك البائع، والسلم عادة يكون بما ليس بموجود في ملكه، فيكون العقد معجلا. كذا في الدرر" (٦) .


(١) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ص١١٨٦ ط. دار الشعب بالقاهرة (بدون)
(٢) الونشريسي، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، ص١٧٣ ط. الرباط سنة ١٤٠٠هـ
(٣) القونوي، أنيس الفقهاء، ص٢٢٠ مرجع سابق
(٤) القاضي عياض، مشارق الأنوار، ٢/٢١٧ ط. المغرب سنة ١٣٣٣هـ
(٥) ابن فارس، حلية الفقهاء، ص١٤٠ ط. بيروت سنة ١٤٠٣هـ
(٦) القونوي، أنيس الفقهاء، ص٢١٨- ٢١٩ مرجع سابق

<<  <  ج: ص:  >  >>