ولقد كان للباحث الشرف في كتابة بحث سابق حول أحد الأبعاد الأساسية لهذا الموضوع، تم نشره مؤخرا في مجلة جامعة الملك عبد العزيز جدة. (١)
ويدور المحور الأساسي لهذا البحث حول بيان معالم المنهج الإسلامي في علاج إحدى المشكلات الاقتصادية الهامة التي يعاني منها بصفة مستمرة كثير من دول العالم في عصرنا الحالي سواء الإسلامي منه أو غير الإسلامي، وهي مشكلة إسراف البنوك غي خلق الائتمان وما يترتب عليها عادة من مفاسد عظيمة. ومن الفأل الطيب أن يتضمن ذلك البحث بعض النقاط التي يتناولها الموضوع الرابع لهذا المؤتمر الموقر، (الودائع المصرفية – حسابات المصارف) . ولعل السبب في ذلك يكمن في أن الحل الذي تقدم به الباحث من خلال البحث المذكور يحتوي على اقتراح بضرورة إعادة النظر في هيكل الودائع المعمول به حاليا في البنوك الإسلامية. ويقتصر هذا الاقتراح على كل من الحسابات الجارية والحسابات الاستثمارية على أساس أن معظم الحسابات المفتوحة لدى البنوك مهما اختلفت في مسمياتها، لا بد وأن تندرج في النهاية تحت أحد هذين النوعين من الحسابات. أما عن أسباب هذا الاقتراح فتتلخص فيما يراه الباحث في وجود تشابه كبير بين الهيكل الحالي لموارد واستخدامات البنوك الإسلامية وبين الهيكل القائم في البنوك التقليدية. وأن هذا الهيكل (سواء بالنسبة للحسابات الجارية أو الحسابات الاستثمارية) يتعارض مع ما قصده الشارع من نشر العدل بين الناس واستتباب الأمن والاستقرار في المعاملات فضلا عن تعارضه مع بعض الأحكام والشروط الأساسية للعقود الشرعية التي تحكم التعامل من خلال هذه الحسابات.
وإذا كان الباحث قد استعرض في بحثه السابق بعض الأدلة والدوافع التي تبرر وجهة نظره في هذا الموضوع، فإنه في هذا البحث الجديد وحول موضوع (الودائع المصرفية – حسابات المصارف) يسترسل في إضافة أبعاد جديدة لتدعيم وجهة نظره السابقة بالنسبة لكل نوع من الحسابات (الجارية – الاستثمارية) ، مع التركيز على الحسابات الجارية بصفة أساسية. ومراعيا أن يتضمن ذلك جميع المحاور المطلوب تغطيتها في هذا المؤتمر الموقر بالنسبة لهذا الموضوع، داعيا الله عز وجل أن يكون عمله هذا خالصا لوجهه الكريم. بناء على ذلك، فإن البحث سينقسم بعد هذه المقدمة القصيرة إلى ثلاثة أجزاء: يتناول الجزء الأول منها موضوع الحسابات الجارية، ويشتمل على عرض مفصل للنقاط الجديدة التي سيطرحها الباحث حول هذا الموضوع. أما الجزء الثاني فيتناول موضوع الحسابات الاستثمارية، وسيتبع فيه الباحث نفس الأسلوب الذي اتبعه بالنسبة للحسابات الجارية، ولكن بشيء من الاختصار. أما الجزء الثالث والأخير فسيخصص للخلاصة وأهم الاستنتاجات.
(١) انظر: د. حسين كامل فهمي، (نحو إعادة هيكلة النظام المصرفي الإسلامي) ، مجلة الاقتصاد الإسلامي –جامعة الملك عبد العزيز-جدة – المجلد (٤) ، ١٤١٢هـ -١٩٩٢-ص (٣) .