لقد بلغ من حدة التنافس بين البنوك في بعض البلدان أن اتجهت، لغرض اجتذاب العملاء، إلى دفع الفوائد على الحسابات الجارية مع تمتع عملائها بكافة ميزات ذلك الحساب بما فيها دفتر الشيكات. والمعتاد أن الفوائد المصرفية إنما تدفع على الحسابات الآجلة أو حسابات التوفير لأن العميل فيها لا يتمتع بميزة استخدام دفتر الشيكات، كما أن أمواله قد تكون مؤجلة الدفع يستخدمها البنك في توليد الفوائد التي يقتسمها مع أرباب تلك الأموال.
ومع ذلك فقد قامت بعض البنوك، لا سيما في الدول المتقدمة بالإبقاء على كافة ميزات الحسابات الجارية ثم فوق ذلك كله دفع الفوائد الدورية –التي تكون متدنية في العادة-على أرصدة الحسابات الجارية. وفي هذه الحالة ينتقل تصنيف هذه الحسابات من الناحية الشرعية من كونها قروضا حسنة إلى انقلابها إلى قروض ربوية؛ لأن الزيادة فيه مشروطة فهي من الربا. ولا يؤثر في ذلك كونها معلومة القدر عند التعاقد أو غير معلوم (حيث تتبنى بعض البنوك الفوائد المتغيرة) لأن ضمان رأس المال لصاحبه يجعل كل زيادة مشروطة عليه من الربا المحرم.
٨- استخدامات البنوك للأموال المجتمعة لديها في الحسابات الجارية:
من المعروف أن النقود مثلية فهي لا تختلف في طبيعتها من حيث المصدر. ومن ثم فإن الأموال في الحسابات الجارية تختلط مع أموال البنك الأخرى وتستخدم كما تستخدم موارده من أنواع الحسابات ورأس ماله. على أن من المفيد الإشارة إلى بعض الخصوصيات لأموال الودائع الجارية. فهي أولا: موارد مجانية (Free Money) لأن موارده الأخرى مثل الودائع الآجلة لها ثمن هو الفائدة المدفوعة عليها بصفة دورية، ورأس ماله له ثمن هو الربح الذي يجب أن يدفعه في نهاية العام. أما الحسابات الجارية فهو يستخدمها دون حاجة إلى دفع ثمن عليها. ثم ثانيا: إنها أعلى أنواع الحسابات من حيث الاحتياطيات. فمن المعلوم أن الأنظمة المصرفية تلزم البنوك باحتياطيات نظامية لحساباتها، يتطلب منها الاحتفاظ بجزء من هذه الحسابات على شكل سيولة كاملة. وتختلف القوانين في ذلك، إذ قد تصل إلى ٥٠ % في بعض الدول وربما لا تزيد عن ٤ % في دول أخرى منها ما يحتفظ به البنك لديه ومنها ما يودع في حسابات المصرف المركزي كما سبق تفصيله. وتتبنى أكثر البنوك احتياطيات إضافية لضمان قدر أكبر من السيولة. ومع ذلك تبقى هذه الحسابات تحقق أعلى معدلات العائد للبنوك.