سعت البنوك الإسلامية منذ ظهورها إلى تقديم البدائل المناسبة لصيغ الاستثمار وأنواع الخدمات المصرفية التي اعتادت البنوك التقليدية تقديمها، مع الحرص على أن تكون تلك الصيغ والخدمات مقبولة من الناحية الشرعية.
ولذلك نجد هذه البنوك تقدم الحسابات الجارية لعملائها، ويقدم بعضها أشباه الحسابات الآجلة معتمدا في ذلك على صيغة المضاربة لا القرض ... إلخ.
١- الحسابات الجارية:
لا تختلف الحسابات الجارية في البنوك الإسلامية –من حيث مصادر الأموال-عنها في البنوك التقليدية، فهي قروض، المدين فيها البنك والدائن العميل. وهي قروض حسنة (بدون فوائد) حالة (غير آجلة) ، ويمكن لصاحبها أن يسحبها مستخدما دفتر الشيكات أو يحيل عليها بأي وسيلة أخرى. ولا يحصل صاحب الأموال في الحساب الجاري على الربح لأن طبيعة علاقته مع المصرف معتمدة على صيغة القرض فأمواله مضمونة على المصرف وكل زيادة عليها هي من الربا.
ويصح على هذا النوع من الحسابات الجارية ما سبق ذكره من ناحية كونها قروضا تجر نفعا يتمثل في الخدمات الملحقة بالحسابات الجارية وقد سبق تفصيل ذلك آنفا.
وهذه الأموال وإن اشتبهت من حيث مصادرها في مثليها في البنوك التقليدية فإنها تختلف من حيث استخداماتها. ذلك أن هذه الأموال إنما يستخدمها البنك الإسلامي في أنواع التمويل المباحة التي لا تتضمن الفائدة.
ولأنها مضمونة عليه، صار له أن يستأثر بما يحقق عنها من الأرباح إذ الخراج بالضمان.
٢- تبادل الودائع:
لا غنى لأي مصرف عن الاعتماد في كثير من نشاطاته على المصارف الأخرى ولذلك يكون له عند المصارف الموجودة في منطقة نشاطه وبعض الموجودة في البلدان الأخرى حسابات مصرفية. وتستخدم هذه الحسابات بشكل أساسي (كما فصلنا ذلك آنفا في الفقرة ١/٤) ، في الحوالات بين البنوك وما شابه ذلك. وفي البنوك التقليدية تكون هذه الحسابات على صيغة الحساب الجاري المدين فهي إذا انخفض رصيدها فأصبح دون المطلوبات سد البنك الفرق وحمل ذلك الحساب بالفوائد.
وحاجة البنوك ماسة إلى الحسابات المتبادلة، فلا غنى للبنوك الإسلامية عن ذلك سواء فيما بينها أو مع البنوك التقليدية، إلا أنها غير ممكنة بطريق الفائدة، ولذلك تبنت بعض البنوك الإسلامية صيغة الودائع المتبادلة، فهي تفتح حسابا في أحد البنوك وتودع فيه مبلغا من المال ثم تحيل عليه بأنواع الحوالات لمدة حتى ينضب ما فيه، عندئذ يقوم البنك (المفتوح عنده الحساب) بكشف الحساب (بجعله مدين) بمبلغ مساو لما كان مودعا فيه ولنفس المدة. (١) وقد أجازت ندوة البركة الرمضانية في عام ١٤١٣ صيغة الودائع المتبادلة. وغني عن الذكر أنه إذا اشترط فيها اختلاف المدد أو المبالغ وقعت في الربا، على أننا نشك بإمكان تطبيقها مصرفيا دون مثل تلك الشروط.
(١) انظر البحث المنشور في مجلة بحوث الاقتصاد الإسلامي، العدد الثاني المجلد الثاني، بعنوان (نظام المصارف صيغة مقترحة لتنظيم قطاع مصرفي إسلامي) ص ٦٧-٩٤، للمؤلف وآخرين.