أما الأموال المودعة في المصارف الإسلامية، فإن ما أودع في حساباتها الجارية، فإنه ينطبق عليه ما ذكرنا في الحسابات الجارية للبنوك التقليدية سواء بسواء، فهي قروض قدمها أصحابها إلى البنك، وهي مضمونة عليه، وتجري عليها جميع أحكام القرض:
ولكن يختلف تكييف الودائع الثابتة وحسابات التوفير في البنوك الإسلامية من تكييفها في البنوك التقليدية، فإن هذه الودائع قروض أيضا في البنوك التقليدية قدمت إليها على أساس الفائدة الربوية، ولكن البنوك الإسلامية لا تعمل على أساس الفائدة الربوية، بل إنما تقبل هذه الودائع على أن يشاركها أصحابها في ربحها إن كان هناك ربح، فليست هذه الودائع في البنوك الإسلامية قروضا، وإنما هي رأس مال في المضاربة، وإنها تستحق حصة مشاعة من ربح البنك، وتحتمل حصة مشاعة من الخسران إن كان هناك خسران، وليست مضمونة على البنك، فلا يضمن البنك أصلها ولا ربحها، إلا إذا حصل هناك تعد من قبل البنك، فإنه يضمن بقدر التعدي.
والفرق بين ودائع المودعين وأسهم المساهمين –على ما يظهر لي- أن العقد بين المودعين والبنك عقد مضاربة، وإنه فيما بين المساهمين أنفسهم عقد شركة. وذلك لأن المساهمين لهم حق التصويت في المجلس العام للبنك، فكأنهم قدموا المال والعمل جميعا إلى البنك، وهذا شأن الشركاء.
وأما المودعون فليس لهم حق التصويت في المجلس العام، فليس لهم أي تصرف في تخطيط أعمال البنك وتسييرها، وإنما يقدمون الأموال إلى البنك فحسب، شأن رب المال في المضاربة، ثم إن المساهمين بمجموعهم مضاربون للمودعين بالنسبة إلى رصيد الودائع، فعلاقتهم فيما بينهم علاقة الشركاء، وعلاقتهم مع المودعين علاقة المضاربة، وإن مثل هذه العلاقات المزدوجة غير أجنبية للفقه الإسلامي. فقد ذكر الفقهاء أن المضارب لو خلط مال المضاربة بمال نفسه فإنه يجوز، فيكون مضاربا في النصف مالكا للنصف. (١)