للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ثانيا، فلأن هذا الاقتراح يوجب التقويم اليومي لجميع موجودات البنك على أساس سعر السوق، وذلك صعب أيضا.

وأما ثالثا، فلأن الكثير من موجودات البنك لا تكون إلا في صورة نقود أو ديون، وإن جماعة من العلماء المعاصرين لا تجوز بيع أسهم الشركات إلا إذا كانت أصولها الثابتة أكثر من النقود والديون. وعلى رأيهم لا يجوز بيع وحدات البنك فيما إذا كانت معظم موجوداته نقودا أو ديونا. (١)

ومن أجل هذه الأسباب، لا يحل هذا الاقتراح مشكلة تحديد الأرباح في الودائع المصرفية.

وطالما بحثت في كلام الفقهاء عن طريق محاسبة الأرباح فيما إذا استرد الشريك أو رب المال بعض ماله، فلم أفز إلا بمسألة في كلام العلامة النووي رحمه الله في المنهاج، حيث قال في أواخر كتاب القراض:

(ولو استرد المالك بعضه قبل ظهور ربح وخسران رجع رأس المال إلى الباقي، وإن استرد بعد الربح، فالمسترد شائع ربحا ورأس مال.

مثاله: رأس المال مائة، والربح عشرون، واسترد عشرين، فالربح سدس المال، فيكون المسترد سدسه من الربح، فيستقر للعامل المشروط منه، وباقيه من رأس المال وإن استرد بعد الخسران فالخسران موزع على المسترد والباقي، فلا يلزم جبر حصة المسترد لو ربح بعد ذلك.

مثاله: المال مائة، والخسران عشرون، ثم استرد عشرين، فربع العشرين حصة المسترد، ويعود رأس المال إلى خمسة وسبعين) . (٢)

وإن هذا الطريق إنما يعالج مشكلة واحدة، وهي سحب رب المال بعض ماله من مال المضاربة، ولكن لا ينظر إلى رد بعض المسترد أو كله مرة أخرى إلى مال المضاربة، وكذلك رب المال في هذا المثال واحد، وظهور الربح أو الخسران واضح، فلو أضفنا إلى هذا المثال أن أرباب الأموال ألوف، وكل واحد منهم يسحب بعض مبالغة تارة، ويرد بعضها أخرى، لتعقد الحساب بما يجعل ضبطه الدقيق كالمستحيل.


(١) أما على قول الحنفية، فمقتضى قولهم في مسألة (مد عجوة) أن يجوز بيع الأسهم فيما كان بعض أصول الشركة عروضا، سواء كان أكثر موجوداتها نقودا وديونا، بشرط أن تكون القيمة زائدة على حصة السهم من النقود والديون، صرفا للزائد إلى العروض.
(٢) مغني المحتاج، للشربيني الخطيب ٢/٣٢٠ و٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>