للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحل هذه المشكلة فيما يظهر لي –والله أعلم- أن يصفى حساب الشركة في نهاية كل سنة على أساس التنضيض التقديري، وهو التقويم، وحاصل ذلك أن جميع الأعيان التي يملكها البنك في نهاية السنة من خلال عمليات التمويل يشتريها مساهمو البنك من سلة الودائع الاستثمارية، ويضاف قيمتها إلى الأموال الناضة، ويوزع الربح على ذلك الأساس، وتنتهي عقود المضاربة والشركة لتلك السنة. وفي بداية السنة الجديدة تعقد الشركة بين المودعين والمساهمين من جديد، وتعتبر قيمة الأعيان المذكورة حصة من رأس مال المساهمين لهذه الشركة الجديدة؛ لأنهم يشغلونها لصالح السلة الاستثمارية مرة أخرى بعد أن دفعوا قيمتها إلى السلة الاستثمارية وملكوها. وغاية الأمر أن تلتزم منه الشركة بالعروض، ولكن ذلك جائز عند المالكية وبعض الحنابلة على أساس القيمة مطلقا، وعند الشافعي رحمه الله إن كانت العروض من ذوات الأمثال (١) ، وعند الحنفية إن اختلطت العروض بعضها ببعض (٢) ، ولا بأس بالأخذ بقول المالكية في هذه المسألة للتيسير على الناس. (٣)

٢- إن طبيعة المضاربة والشركة التقليدية تقتضي أن تكون جميع الأموال مدفوعة في وقت واحد إلى التجارة المشتركة، حتى ذكر الفقهاء أنه لو دفع رب المال مالا آخر بعد تشغيل الأول لم تجز المضاربة في المال الثاني. قال النووي رحمه الله: (لو دفع إليه ألفا قراضا، ثم ألفا، وقال: ضمه إلى الأول، لم يجز القراض في الثاني ولا الخلط؛ لأن الأول استقر حكمه بالتصرف ربحا وخسرانا، وربح كل مال وخسرانه يختص به) (٤)

وهذا إذا كان المالان جميعا لرجل واحد، أما إذا كان المالان لرجلين مختلفين كذلك بالطريق الأولى، لأن المنافع متفاوتة.

أما الودائع المصرفية، فلا تدفع إلى البنك في وقت واحد، ولا تشغل في الأعمال الاستثمارية إلا في أوقات مختلفة، فلا يمكن تطبيقها على الأساس المعروف للشركة أو المضاربة التقليدية.


(١) المغني، لابن قدامة ٥/١٢٤ و١٢٥.
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني ٦/٥٩.
(٣) راجع إمداد الفتاوى، للشيخ أشرف على التهانوي رحمه الله ٣:٤٩٥.
(٤) روضة الطالبين للنووي ٥:١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>