للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أسهم الشركات التي يمتلكها غير المسلمين ولا ينص نظامها على التعامل في الحرام فقد شدد فيها البعض أكثر (١) ولكن لا أرى مانعاً من التعامل فيها حسب الضوابط السابقة، وقد انتهت ندوة الأسواق المالية من الوجهة الإسلامية التي عقدت في الرباط ٢٠- ٢٥ ربيع الآخر ١٤١٠ هـ إلى أن أسهم الشركات التي غرضها الأساسي حلال لكنها تتعامل أحياناً بالربا ... فإن تملكها، أو تداولها جائز نظراً لمشروعية غرضها، مع حرمة الإقراض، أو الاقتراض الربوي، ووجوب تغيير ذلك، والإنكار والاعتراض على القائم به، ويجب على المساهم عند أخذ ريع السهم التخلص بما يظن أنه يعادل ما نشأ من التعامل بالفائدة بصرفه في وجوه الخير.

وكذلك ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي حيث أجازت باتفاق المشاركين شراء أهم الشركات العاملة في البلاد الإسلامية لقصد العمل على أسلمة معاملاتها، بل اعتبروا ذلك أمراً مطلوبا، لما فيه من زيادة مجالات التزام المسلمين بأحكام الشريعة الإسلامية.

وأجازوا بالأغلبية شراء أسهم الشركات العاملة في البلاد غير الإسلامية، إذا لم يجدوا بديلاً خالصاً من الشوائب. (٢)

والقول بالجواز إن كان نظام الشركة لا ينص على التعامل في الحرام، ومع الضوابط السابقة هو الذي يتناسب مع روح هذه الشريعة القائمة على التيسير، ورفع الحرج، ومراعاة حاجات الناس في الاستثمار؛ وذلك لأنه إذا وجد فيه حرام فهو نسبة ضئيلة لا تؤثر في باقي المال وكذلك يمكن التخلص منها عن طريق إعطائها للجهات الخيرية العامة، بالإضافة إلى أن محل البيع المعقود عليه في جملته أمور مباحة، وأن المشاركة في ذلك جائزة، ولم يمنع أحد من الرعيل الأول التعامل مع أهل الكتاب في الجملة، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام يتعاملون معهم، مع أن معاملات أهل الكتاب وأموالهم لم يكن جميعها على الشروط المطلوبة في الإسلام، فقد ترجم البخاري: باب المزارعة مع اليهود، فقال الحافظ ابن حجر: "وأراد بهذا: الإشارة إلى أنه لا فرق في جواز هذه المعاملة بين المسلمين وأهل الذمة " (٣) كما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل ورهنه درعه (٤) وكذلك الأمر عند الصحابة رضي الله عنهم حيث كان التعامل معهم سائداً في الجملة.


(١) الشيخ عبد الله بن سليمان بحثه السابق ص (٢١) حيث مع إباحته شراء الأسهم لشركات يمتلكها المسلمون حتى وإن كانت تتعامل بالربا لكن غالب معاملتها وأمواله حلال لكنه لم يجز تملك أسهم شركات يملكها غير مسلم إلا إذا كان قادراً فعلاً تغيير مسارها، ومنعها من مزاولة الحرام مطلقاً وذكر أن الشيخ صالح كامل ذكر له أنه استطاع أن يحول خمسين شركة مساهمة إلى الالتزام بالأحكام الشرعية من خلال مساهمته فيها، واشتراطه ذلك بعدها.
(٢) الفتاوى الشرعية في الاقتصاد، ص ١٧ ط. مجموعة بركة سنة ١٤١١ هـ.
(٣) صحيح البخاري، مع فتح الباري ٥/١٥ ط. السلفية.
(٤) صحيح البخاري، مع فتح الباري ٥/١٥ ط. السلفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>