إضافة إلى آيات وأحاديث أخرى ذكرتها في البحث. كما يدل على الوجوب الكفائي قوله تعالى:{كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}[الحشر: ٧] . في حين أن فضيلة الدكتور عبد الستار أبو غدة رد على بعض أدلة الوجوب كما هو في البحث.
ثم تناولت البحوث الثلاثة المعالم والضوابط الأساسية للمنهج الإسلامي في الاستثمار. فذكر فضيلة الدكتور قحف المنهج الإسلامي في الاستثمار مبيناً أن الإسلام إذ يشجع على الاستثمار ويؤكد على التربية الروحية والنفسية والأخلاقية التي تزيد في كفاءة الإنسان وقدرته الإنتاجية فلا يكون كلًّا عاجزاً بل يضع ضوابط للاستثمار حيث يحرم الاستثمار في إنتاج الخبائث، كما يحرم استعمال الأساليب المحرمة كالرشوة والكذب والغش، إضافة إلى حرمة الإسراف والإتلاف وإضاعة الموارد، كما أن المنهج الإسلامي في الاستثمار بعيد عن العبث، كما أنه مرتبط بالآثار الجانبية للاستثمار.
وأما بحث فضيلة الدكتور عبد الستار، وكذلك بحثي، فقد ذكرا الضوابط من حيث إن منهج الاستثمار مرتبط بالجانب العقدي، أي أن هنالك التزاماً عقائديًّا لا ينفصل عنه الاستثمار، حيث إن العقيدة الإسلامية هي المهيمنة على الفكر الاقتصادي الإسلامي، وفي منهج الاستثمار وفي أدواته ووسائله وآلياته. فالمسلم يعتقد أن المال مال الله، وأنه مستخلف فيه، ولذلك عليه أن يسير على ضوء منهج الله تعالى في تعمير الكون، فقال تعالى:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}[هود: ٦١] ، حيث طالبهم بالعبادة لله وتوحيده توحيداً مطلقاً في:
أولاً: بين أن الذي أمرهم بالوحدانية هو الذي أمرهم باستعمار الأرض وتعميرها وهو ذلك الإله الواحد القهار، ثم طلب منهم الاستغفار والتوبة إليه. ولأجل هذا الربط العقائدي يجيب الله –سبحانه وتعالى- في مسألة الربا بهذا الجواب فيقول:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] ، فربط الله –سبحانه وتعالى- المسألة بتحليل الله –سبحانه وتعالى- وتحريمه، ولم يبين الفرق بين البيع وبين الربا رغم أن الفرق واضح جدًّا وإنما أسند الأمر إلى الله {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] فمن كان مؤمناً يحل البيع ويحرم الربا مهما كانت الظروف وكيف كانت هناك تظهر مصالح موهومة عند بعض الناس. فربط المسألة إذن ربطاً عقائديًّا محكماً، ولأجل هذه العقيدة يتيقن المؤمن أن الربا الذي في ظاهره الزيادة أنه محق للبركة، وأن الصدقة التي هي نقص أنها زيادة، {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} هذا هو المعلم الأول الأساسي لمنهج الإسلام في الاستثمار.
ثانياً: ومن أهم معالم المنهج الإسلامي في الاستثمار قيامه على القيم والأخلاق والمبادئ من العدالة وعدم الظلم والغش والكذب ونحوها. ومن معالمه أيضاً قيامه على التنافس الشريف وإتاحة الفرصة للجميع لكن مع حماية الضعفاء بإعطائهم حق الخيار، ولذلك كانت حماية السوق منوطة بسلطة شعبية تتمثل في نظام الحسبة والرقابة الذاتية والشعبية. أيضاً، ومن هذه المعالم ضبط الصراع الاجتماعي وكذلك تحقيق التنمية وتوجيه وتخطيط الاستثمار من خلال عدة وسائل معينة.