قرار آخر: عقود الاختيارات غير جائزة؛ لأن المعقود عليه ليس مالاً ولا منفعة ولا حقًّا ماليًّا يجوز الاعتياض عنه. إن حسم الأوراق التجارية غير جائزة شرعاً؛ لأنه يؤول إلى ربا النسيئة المحرم.
بعض هذه القرارات الصادرة بخصوص الأسهم موضوع بحثناه ثم إن المنهج الإسلامي في الاستثمار هو أن يكون الاستثمار بقصد الاسترباح من إنتاج الطيبات والمنافع، ولذلك لا مكان للمجازفات والمقامرة في الاستثمار الإسلامي كما يحدث في البورصة الحالية من اختيارات وعقود مستقبلية تباع العقود نفسها حتى صار الوهم –كما يقول الدكتور منذر – هو العامل الرئيسي في تغييرات أسعار الأسهم، حيث تربح أو تخسر آلاف الملايين في ساعات قلائل، كما صارت الكميات التي يتم بيعها وشراؤها في سوق الأسهم يوميًّا تفوق في أحيان كثيرة أعداد الأسهم التي تشكل رساميل الشركات المسجلة في البورصة. فلا شك –أيها الإخوة الأجلاء- أن هذه المجازفات على أسعار الأسهم لا تتفق مع المنهج الإسلامي في الاستثمار، وبالتالي لا بد من وضع قيود على أسواق الأسهم إذا أجزنا الاستثمار في الأسهم في الأسواق حيث تقتصر المبايعات على الجدية والمعاملة الحقيقية، وذلك من خلال فرض قيود على البيع مثل اشتراط التسجيل ونحوه وتقليل حجم الائتمان الذي ينصرف لتمويل شراء الأسهم، وعدم السماح بإعطاء أسعار للأسهم في السوق إلا بصورة دورية عقب نشر البيانات المالية الدورية عن الشركة، وغير ذلك من الإجراءات التي تهدف إلى اقتصار التعامل على الراغبين بالدخول في ذلك الميدان من ميادين إنتاج الطيبات والمنافع أو الخروج منها.
وبعد ذلك ننتقل إلى موضوع يعتبر موضوعاً في غاية من الأهمية وهو حكم الاستثمار في أسهم الشركات مع ملاحظة أنشطتها. يكاد يكون من المتفق عليه من الجميع اليوم أنه تجوز المساهمة في الشركات التي يكون نشاطها حلالاً وينص نظامها الأساسي على الالتزام بأحكام الشريعة الغراء كما هو الشأن في البنوك الإسلامية، أو أن هذه الشركات حصل التوافق بين تصرفاتها وبين قواعد الشريعة ولم يصدر منها مخالفات معروفة وإن لم يكن هناك نص في نظامها الأساسي. فالاتجار أو المساهمة أو الاستثمار في أسهم هذه الشركات من المتفق عليه أن الاستثمار فيها جائز. وكذلك من المتفق عليه أنه يحرم الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم كالبنوك الربوية والشركات التي يكون نشاطها التعامل بالمحرمات كالخنزير والخمر ونحوهما. وبهذين الأمرين صدر قرار من مجمع الفقه الموقر كما تلوته على مسامعكم الكريمة قبل قليل.