هذا وفرق بين موت الجنين وحياته عند ولادته وبين موت الحي، فإن الأصل في الجنين عدم الحياة حتى يتحقق أنه حي، والأصل في من ثبتت حياته أنه حي حتى يتحقق أنه ميت، والأصل بقاء ما كان على ما كان، لا يزول ذلك اليقين بأمر مشكوك فيه.
والقلب الإنساني – دينامو الجسم البشري - يتبع فساده وتلفه الموت لا محالة "فإذا فسد فسد الجسد كله"
إن نضال الطب ضد الموت حقق إنجازاته الرائعة، وقامت أجهزة الإنعاش بدور يقدر الكل قدره، في حفظ الحياة بإذن الله على مئات الألوف من البشر، وحفظ الستر على مئات الألوف من الأسر.
وإن محاولة الطب الاستفادة من قلب من تحقق موته لإحياء نفس أخرى، محاولة يقدر الكل قدرها أيضًا.
وكانت حياة القلب ونبضه والتنفس دليل الحياة ووجود الروح، فأمكن أن تحل أجهزة الإنعاش محل القلب، ومحل التنفس التلقائي لساعات محدودة، أو أيام معدودة، وإذا كان الدماغ في تلك الأثناء قد مات، فهل الإنسان في تلك الساعات المحدودة، أو الأيام حي أم هو ميت؟
إنها الفترة المتحيرة.
وتأتي المشكلات التي تقدم بيانها عبئًا يلقيه التقدم الطبي على عاتق فقهاء العصر.
وحرص إخواننا الأطباء على أن يكونوا ممن (أحيا الناس جميعًا) يحدوهم إلى أن يمهدوا الطريق، ليكون عملهم ضمن الإطار الشرعي، حيث لا إثم ولا ضمان.
وقد ورد السؤال إلى لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية في جلستها المنعقدة في ١٨ صفر ١٤٠٢هـ الموافق ١٤/١٢/١٩٨١م. من كل من الدكتور/ رعد عبد الوهاب شاكر –مدرس في كلية الطب بجامعة الكويت، والدكتور/ عبد الرحمن حمود السميط- أخصائي الباطنية بمستشفى الصباح. وكان نصه:
"في حالة التأكد من حصول الموت الدماغي، والذي تتوقف فيه كل وظائف الدماغ، ويتبعه فورًا موت بقية أعضاء الجسم لولا وجود أجهزة إنعاش التنفس والقلب وغيرهما، والتي تؤخر موت بقية أعضاء الجسم لبضعة أيام فقط:
هل يجوز للطبيب المسلم العمل، وبأسرع ما يمكن، لإنهاء هذه الحالة المصطنعة، التي تؤخر توقف بقية أعضاء الجسم عن العمل لأيام، وتؤخر دفنه؟ "