للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة في مسائل النقد في الفقه الإسلامي يظهر واضحاً فيما قرره ابن عابدين في العقود المعقودة بالقروش، إذا هبطت قيم العملات التي كان يحصل بها الوفاء هبوطاً متفاوتاً، فقد رأى أن الضرر الناشئ من هذا الهبوط لا يجوز أن يتحمله أحد العاقدين وحده، وإنما يجب أن يتحمله الاثنان معاً، وذلك بالوفاء من الأوسط من تلك العملات. وقد بنى رأيه على نية المتعاقدين (١) وعلى حديث ((لا ضرر ولا ضرار)) وهو من قواعد نظرية الضرورة التي قامت على مبدأ العدالة (٢) وهذا الرأي يطابق ما أخذ به القانون المصري والسوري من رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول.

وخلاصة ما ننهي به هذا الفصل أن نظرية الضرورة في الفقه الإسلامي بتطبيقاتها التي عرضنا لها، تتسع الاتساع لنظرية الظروف الطارئة، بل يمكننا القول بأن هذه الأخيرة تعد من جملة تطبيقات نظرية الضرورة، ما دامت النظريتان قائمتين على أساس واحد هو مبدأ العدالة.


(١) ابن عابدين –رسالة النقود- ص ٦٦ و٦٧ وقد جاء في الصفحة ٦٧: "إذا باع شخص سلعة بمائة قرش مثلاً، ودفع له المشتري بعد الرخص ما صارت قيمته تسعين قرشاً من الريال أو الذهب مثلاً، لم يحصل للبائع ذلك المقدار الذي باع قدره ورضي به ثمناً لسلعته".
(٢) ابن عابدين –رسالة النقود- ص ٦٦ و٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>