للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر العلامة شيخ الإسلام محمد بن عبد الله الغزي الترمتاشي في رسالة سماها بذل المجهود في مسألة تغير النقود: اعلم أنه إذا اشترى بالدراهم التي غلب غشها أو بالفلوس وكان كل منهما نافقاً حتى جاز البيع لقيام الاصطلاح على الثمنية ولعدم الحاجة إلى الإشارة لالتحاقها بالثمن ولم يسلمها المشتري للبائع ثم كسدت بطل البيع (و) الانقطاع عن أيدي الناس كالكساد (و) حكم الدراهم كذلك، فإذا اشترى بالدراهم ثم كسدت أو انقطعت بطل البيع ويجب على المشتري رد المبيع إن كان قائماً، ومثله إن كان هالكاً وكان مثليًّا، وإلا فقيمته، وإن لم يكن مقبوضاً فلا حكم لهذا البيع أصلاً، وهذا عند الإمام الأعظم، وقالا: لا يبطل البيع؛ لأن المتعذر إنما هو التسليم بعد الكساد وذلك لا يوجب الفاسد لاحتمال الزوال بالرواج كما لو اشترى شيئاً بالرطبة ثم انقطع. وإذا لم يبطل وتعذر تسليمه وجبت قيمته، لكن عند أبي يوسف يوم البيع وعند محمد يوم الكساد وهو آخر ما تعامل الناس بها. وفي الذخيرة الفتوى على قول أبي يوسف، وفي المحيط والتتمة والحقائق (على قول) محمد يفتى رفقاً بالناس (٥٨-٥٩) .

وبعد هذا الجزء من رسالته ذكر المراد بالكساد والانقطاع فقال: (الكساد لغة –كما في المصباح- من كسد الشيء، يكسد، من باب قتل: لم ينفق لقلة الرغبات، فهو كاسد وكسيد، يتعدى بالهمزة فيقال: أكسده الله وكسدت السوق فهي كاسدة بغير هاء في الصحاح وبالهاء في التهذيب. ويقال أصل الكساد الفساد.

وعند الفقهاء: أن تترك المعاملة بها في جميع البلاد، وإن كانت تروج في بعض البلاد لا يبطل لكنه يتعيب إذا لم يرج في بلدهم فيتخير البائع إن شاء أخذه وإن شاء أخذ قيمته، وحد الانقطاع أن لا يوجد في السوق وإن كان يوجد في يد الصيارفة وفي البيوت، وهكذا في الهداية، والانقطاع كالكساد كما في كثير من الكتب، لكن قال في المضمرات: فإن انقطع ذلك فعليه من الذهب والفضة قيمته في آخر يوم انقطع هو المختار. ثم قال في الذخيرة: الانقطاع أن لا يوجد في السوق وإن كان يوجد في يد الصيارفة وفي البيوت، وقيل: إذا كان يوجد في أيدي الصيارفة فليس بمنقطع، والأول أصح. انتهى. هذه عبارة الغزي في رسالته (ص٥٩-٦٠) .

وقال بعد هذا: (وفي الذخيرة البرهانية بعد كلام طويل: هذا إذا كسدت الدراهم أو الفلوس قبل القبض، فأما إذا غلت فإن ازدادت قيمتها فالبيع على حاله ولا يتخير المشتري، وإذا انتقصت قيمتها ورخصت فالبيع على حاله ويطالبه بالدراهم بذلك العيار الذي كان وقت البيع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>