للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسباب التضخم:

ودراستنا هذه وإن لم تكن مخصصة لبيان أسباب التضخم ومعالمه، وكيفية علاجه، ولكننا نوجز القول في هذه المسائل حتى تكون على تصور متكامل للوصول إلى حكم مناسب؛ لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره.

فللتضخم أسباب كثيرة يمكن حصرها في تطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يعيش منذ عدة عقود أزمة هيكلية حادة أدت إلى تدهور معدلات النمو الاقتصادي، وتعايش البطالة مع التضخم، وتزايد العجز في موازين المدفوعات، وركود التجارة الدولية، وانهيار نظام النقد الدولي، وبروز أزمة الطاقة، وتفاقم مشكلة الديون الخارجية وتقلبات أسعار المواد الاستهلاكية والإنتاجية، وتقلبات الإنتاج نفسه والعجز في ميزان المدفوعات، وارتفاع المديونية الخارجية الأمريكية لتصل على سبيل المثال في عام ١٩٨٠ م إلى رقم ١٧٥ مليار دولار.

كما أن نظام النقد الدولي الحالي يتحمل كثيراً من أسباب هذا التضخم، وذلك لأن النظام النقدي الدولي الحالي قد أرسيت دعائمه في اتفاقية بريتون وودز عام١٩٤٤ م على أساس المشروع الأمريكي الذي قدمه ريتشارد هوايت مندوب أمريكا بعد أن فشل مشروع اللورد كينز، واستطاعت أمريكا أن تلعب دور القائد في صياغة نظام النقد الدولي الجديد، وتجديد قواعد اللعبة فيه طبقاً لمصالحها الخاصة، نظراً لما كانت عليه حينئذ من قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية حيث كانت الدولة الأولى إضافة إلى أنها كانت تملك ٥/٤ من حجم الذهب في العالم، لذلك تمكنت من أن تجعل الدولار العملة الدولية في النظام في مقابل التزامها بقابلية تحويله إلى ذهب على أساس ٣٥ دولاراً للأوقية من الذهب الخالص دون أية عوائق، وذلك اكتسب الدولار ميزة لم تتحقق لغيره من العملات حيث أصبح الدولار الورقي يعني الذهب الخالص، حتى حرصت البنوك المركزية في مختلف دول العالم على اقتنائه ضمن احتياطياتها النقدية جنباً إلى جنب مع الذهب، بل إن حيازته تجلب لحائزه دخلاً في صورة فائدة ما كانت تعطى على الذهب، وهكذا غدا الدولار الورقي هو الصورة الرئيسية المجسدة للاحتياطيات الدولية في الاقتصاد الرأسمالي العالمي. (١)


(١) د. رمزي زكي: ص ٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>