للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشارة إلى الإنسان بالجسد والروح:

تكلم القرآن عن الإنسان مشيرًا إليه بالجسد وحده، وأعلم الخلق أن هذا الجسد ليس بخالد، وذلك مثل قوله في الأنبياء عليهم السلام: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} .

فقد اقتضت حكمة الله أن يكون الرسل من البشر، يلتقون الوحي، وما كان الرسل من قبل إلا رجالًا ذوي أجساد، وما جعلهم الله أصحاب أجساد، ثم جعلهم لا يأكلون الطعام. فأكل الطعام من مقتضيات الجسدية، والجسدية من مقتضيات البشرية، والموت من مقتضيات تلك الجسدية، فهم إذن غير خالدين في هذه الحياة.

وأشار القرآن أيضًا إلى الإنسان بالروح والنفس فقال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) } [الشمس: ٧] إذا فالقرآن يخاطب الإنسان بالجسد مرة وبالروح أخرى. وهذا دلالة واضحة على أن الإنسان بجسده وروحه يشار إليه بكل منهما.

الموت في القرآن:

ذكر الموت في القرآن بمعانيه المختلفة التي سبقت الإشارة إليها. والذي نعنيه هنا من هذه المعاني، هو حديث القرآن عن موت الإنسان، وعن صفة هذا الموت، وحالة الإنسان بعده فنجد أن القرآن دائمًا يركز على موت الجسد، ثم يتبع ذلك بذكر صفة هذا الجسد الميت سواء ذكر مع هذا الجسد الروح أو لم تذكر.

فالقرآن مثلًا يقول في وصف هلاك العصاة: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (٢٩) } [يس: ٢٩] .

والخمود: هو سكون الجسد وخلوه من الحركة أو التنفس أو أي علامة للحياة الجسدية ثم يقول في آية أخرى:

{فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: ٧] ويقول {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) } [القمر: ٢٠] .

يصف القرآن بذلك أجساد الهلكى بأنها صرعى لا حراك بها، قد تحللت ولم يبق إلا هياكلها كأنها أعجاز نخل خاوية منقعرة لا حراك بها ولا حياة.

<<  <  ج: ص:  >  >>