للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه في اعتبار سد الذرائع، قاعدة أصولية.

يمكن وصف سد الذرائع قاعدة أصولية لأمور:

١- أنها قاعدة كلية مطردة ولا تخلو قاعدة فقهية من الاستثناءات.

٢- أن القواعد الأصولية ليست كلها ناشئة من الألفاظ ومما يعرض لها، بل من أفرادها ما لم يرجع إلى اللفظ.

ولا يعني كونها لم ترجع إلى اللفظ أنها خارجة عن إطار القواعد الأصولية.

٣- أن جميع الذين تكلموا عن سد الذرائع، رتبوا الكتابة فيه ضمن مباحث الأصول.

هذا والذين اعتبروا سد الذرائع دليلًا، تكلموا عنه ضمن الكلام عن الأدلة الشرعية، أو عند الكلام على الاستدلال على أنه نوع منه.

أما الذين أنكروه وردوه، تكلموا عنه على أنه واحد من الأدلة الفاسدة أو المختلف فيها (١) .

أما أن سد الذرائع دليل باصطلاح الفقهاء والأصوليين فيرجع للأسباب التالية:

١- لأن سد الذرائع علامة معروفة للدلالة يتمكن الناظر فيها من التوصل إلى المطلوب.

٢- لأن سد الذرائع لا يقتضي مدلوله، ولا يوجبه بنفسه، بل لا بد فيه من نظر المجتهد ليحكم بالمنع.

٣- لأنه إن كان يؤدي إلى حكم قطعي، فقد دخل في مفهوم الدليل عند الجميع، وإن كان يؤدي إلى حكم ظني، فقد دخل في مفهوم الدليل عند الجمهور؛ لأن الدليل مما يؤدي إلى حكم قطعي أو ظني.

وجملة القول: إن سد الذرائع من الأدلة الشرعية التبعية؛ لأنه لم يرد في نصوص الشرع اعتباره صراحة، وإنما جرى الحكم على وفقه في كثير من القضايا، فقرره العلماء دليلًا على هذه الجهة.

معنى سد الذرائع:

المراد بسد الذريعة، منعها على المكلف حتى لا يتوصل بسببها إلى المحرم فهي وإن كانت جائزة بحد ذاتها، لكنها تحرم لما تفضي إليه، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء، لبقيت على جوازها ولما منع المكلف منها (٢) .


(١) البرهاني: سد الذرائع ص ١٦٩
(٢) التركي: أصول مذهب الإمام أحمد ص ٤٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>