للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: كان رجل من باهلة عيونًا، فرأى بغلة لشريح رحمه الله، فأعجبته فقال له شريح: أما إنها إذا ربضت لم تقم حتى تقام ـ أي أن الله عز وجل هو الذي يقيمها بقدرته ـ فقال الرجل أف أف.

وفي هذا الحديث زيادة، فإن الرجل لما أبصر البغلة أعجبته، ربضت من ساعتها فقال شريح ما قال، فلما قال الرجل أف أف قامت.

وفي هذا دليل أن العين حق، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين السوء ... فأراد شريح أن يرد عينه بأن يحقرها في عينه، وقال ما قال، وأضمر فيه معنى صحيحًا وهو: أن الله تعالى يقيمها بقدرته.

وعن عقبة بن غرار رحمه الله قال: كنا نأتي إبراهيم رحمه الله وهو خائف من الحجاج، فكنا إذا خرجنا من عنده يقول لنا: إن سئلتم عني وحلفتم، فاحلفوا بالله ما تدرون أين أنا ولا لكم علم بمكاني ولا في أي موضع أنا، واعنوا أنكم لا تدرون في موضع قاعد أو قائم، فتكونون قد صدقتم (١) .

هذا: وجملة القول ما صرح به صاحب أحكام القرآن قال الرازي الجصاص: فمن أنكر التوصل إلى استباحة ما كان محظورًا من الجهة التي أباحته الشريعة، فإنما يرد أصول الدين وما قد ثبتت به الشريعة (٢) .


(١) المبسوط ج٣ ص ٢١٤
(٢) أحكام القرآن ج ٣ ص ١٧٧ والإعلام ج٣ ص ٢٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>