للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما النظر في الأصول فيشهد لتقدم المالكية والحنابلة حيث ذكروا سد الذرائع ضمن أصولهم خلافًا للحنفية والشافعية.

أما الحنفية فقد ولجوا من باب الاستحسان إلى ساحة المصالح التي يعد سد الذرائع أحد وجوه العمل بها.

على حين يصرح الشافعية برد كل من سد الذرائع والاستحسان بل ولا يأخذون من المصالح إلا ما كان قطعيًّا عامًّا ولهذا جاء دورهم في هذا الميدان آخِرًا (١) .

وأما النظر في الفروع: فيشهد فعلًا لتقدم المالكية في هذا الميدان أيضًا إنهم يقفون في كثير من المسائل وحدهم يسدون الذريعة فيها على حين يقف الأئمة الثلاثة على الطرف الآخر أيضًا.

وإنما كان الإمام مالك رضي الله عنه اعتمد الذرائع أصلًا أصيلًا في مذهبه لأن مذهبه أوسع المذاهب الاجتهادية اعتمادًا على رعاية مصالح الناس وأعرافهم، ولهذا كان العمل بالمصلحة المرسلة أصلًا مستقلًا من أصول التشريع عندهم، وما سد الذرائع إلا تطبيقًا عمليًا من تطبيقات العمل بالمصلحة، ولذلك عدوه ضمن أصولهم وأعملوه في استنباطاتهم وتخريجاتهم في جميع أبواب الفقه وفي كثير من المسائل العملية، وبالغوا في ذلك حتى عد بعض الفقهاء سد الذرائع من خصوصيات إمام دار الهجرة (٢) .


(١) البرهاني: سد الذرائع ص ٦٦٦
(٢) تنقيح الفصول من ٢٠٠، الفروق ج٣ ص ٢٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>