وغني عن التنبيه أن الخلاف إنما يجري في غير ما ورد في الكتاب والسنة أما ما قام عليه دليل من موارد سد الذرائع فلا خلاف فيه كما في مسألة النهي عن سب آلهة المشركين لئلا يسبوا الله تعالى.
وهنا نتساءل عن المقصود بسد الذريعة وحرمة كل وسيلة يمكن أن تفضي إلى الحرام وإن كانت بنفسها مباحة كالمشي في طريق قد يؤدي إلى الحرام فهل يراد سد كل وسيلة يمكن أن تؤدي إليه وتحتمل فيها ذلك أم أن المراد هو سد خصوص الوسائل التي نقطع ـ حقيقة أو عرفًا ـ بأدائها إلى الحرام؟
فإن كان الثاني فلا خلاف في ذلك من حيث الحرمة وإن كان الكلام في عقليتها وغيريتها قائمًا. والحقيقة هي قيام تزاحم بين الحكم الأولي لذات المقدمة والقائم على الملاك المتوفر فيها والحكم الأولي لذي المقدمة (إذا كان التزاحم متصورًا بين حكم الإباحة وحكم الحرمة) وحكم ذي المقدمة تكليفي وهو مقدم في الغالب على الحكم غير التكليفي وربما كان ملاك الإباحة أكثر أهمية من ملاكات بعض الأحكام التكليفية.