الوضع المنطقي السليم في كتابة البحوث العلمية، وترتيب الأعمال العقلية، يقتضينا حين نطلب حقيقة معينة، أن نبدأ ببيان حقيقتها. أي عناصرها العامة المكونة لها، قبل أن نأخذ في البحث عن تعيين خصائصها، وتبيين مشخصاتها.
ذلك لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، على حد تعبير علماء المنطق.
وإذا كان هذا هكذا، فينبغي قبل كل شيء أن تعرف معنى (سد الذرائع) في جملتها، فنقول: إن كلمة (سد الذرائع) مركب إضافي، والمركب الإضافي لا يمكن معرفته إلا بعد معرفة أجزائه، وبناء عليه، فدونك تعريف كل جزء على حدة.
أ -تعريف السد:
أصل السد: مصدر سددته، ومنه قوله تعالى:{بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا}[الكهف: ٩٤] .
أي: حاجزًا يمنعهم من الوصول إلينا والإفساد في أرضنا. فشبه به الموانع.
فالسد: المنع. يقال: سد عليه الطريق. أي: منعه من الدخول فيه، وهذا أصل قول علماء الفقه والأصول، في قاعدة (سد الذرائع) : منع ما يجوز لئلا يتطرق به إلى ما لا يجوز، فقد منع الشارع ما يجوز في نفسه، خشية أن يتوصل به إلى المحرم.
(١) راجع المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني (مادة ـ سد) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، في تفسير الآيات المذكورة.