للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الوسائل جعلت مفهومًا جديدًا أمامنا، هذا الشخص أمامه أحد حالات ثلاث إذا وضعنا المنفسة ووضعنا أجهزة الإنعاش الحديثة، إما أن يتحسن ويعود قلبه وجهازه يتنفس طبيعيًا بدون الجهاز، ويبدأ الدماغ يعمل لأن الدماغ هو الذي يتحكم في التنفس، وهو الذي أيضًا يتحكم في ضربات القلب إلى حد كبير، فيعود الدماغ إلى العمل ويبتدأ يتحكم في هذه الأعضاء المهمة جدًا، فيعود الشخص إلى التنفس ويعتبر ناقهًا هذا المريض وينقل من غرفة الإنعاش بعد فترة من الزمن إلى غرفة عادية بحيث أنه يتنفس ولو بقي مغمى، يعني الإغماء شيء آخر لا يحس لا يأكل لا يشرب، هذا باب آخر لا يرى لا يسمع فقدان الإحساس كله، شيء آخر مختلف تمام الاختلاف عما سنتحدث عنه من موت الدماغ لأن هذا يسبب التباسًا في بعض الأذهان أحيانًا، قد يموت جزء من الدماغ لكن الدماغ ككل لم يمت بعد، جذع الدماغ لا يزال حيًّا ولا تزال هذه الأعضاء تتحرك فلا يعتبر هذا الشخص حيًا بكل المقاييس.

الشخص الثاني: رغم وجود الأجهزة ورغم وجود المنفسة وغيرها يتوقف القلب حتى مع وجود هذه الأجهزة فهذا ميت بكل المقاييس ولا خلاف حوله إطلاقًا فإنه ميت.

يبقى الموضوع الذي فيه نوع من الإشكال أمام الناس هو شخص إذا نزعنا منه هذه الآلات توقف قلبه وتوقفت الدورة الدموية وتوقف التنفس، فتبادر إلى الأذهان أن هذا الشخص إذا نزعنا منه آلة كانت تجعله حيًا فإذا نزعنا هذه الآلة هناك نوع من الاتهام بنوع من القتل سواء كان عمدًا أو غير عمد لكن الواقع أثبت أن هناك مواصفات معينة إذا مات هذا الدماغ وعملت الفحوصات التقنية الكاملة في هذا الباب وأزيلت الأسباب الوظيفية يعني ممكن الدماغ –سنتحدث عن هذا- إذا مات هذا الدماغ موتًا كاملًا لا رجعة فيه فإن هذه الأجهزة تصبح غير ذات فائدة وغير ذات جدوى أصلًا لأنها لا تستطيع أن تغير من حقيقة هذا الميت شيئًا.

إذن لماذا نطالب بنزع هذه الأجهزة؟ نطالب بنزع هذه الأجهزة لأن بقاء هذه الأجهزة يكلف مبلغًا كبيرًا، وربما يرى الناس طبعًا أن هذا ليس مهمًا كثيرًا مهما كانت المبالغ كبيرة حياة الإنسان أغلى منها، لكن هذه الأجهزة محدودة فلا بد من أخذها لشخص آخر ربما تساهم في إنقاذه وتساهم في عودته إلى ما به من رمق من الحياة، تساعد على عودة هذا الرمق واستمرار هذا الرمق، فحرمان هؤلاء الأشخاص الذين كان يمكن إنقاذهم بينما نبقي هذه الآلات معلقة على شخص قطعًا يعرفون أنه ميت أمر غير مستساغ ولا يقبلونه ويشكل عبئًا نفسيًا عليهم كما أن ذلك يشكل عبأ على نفس الأسرة باهظ التكاليف فتعاني الأسرة من جهتين: جهة نفسية وجهة مالية أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>