أعتقد أن الدكتور البار أوفى في هذا الموضوع الكثير من النقاط التي ممكن أن يسأل عليها. أرغب في البدء في التفريق بين سحب أجهزة الإنعاش من مريض ميؤوس من حالته الطبية، أي لا أمل في الشفاء منه، وبين سحب أجهزة الإنعاش من إنسان توقف دماغه توقفًا نهائيًا لا عودة فيه ولا رجعة.
نحن الآن في صدد الموضوع الثاني وليس في صدد الموضوع الأول. أن الرأي الطبي في البلاد العربية الإسلامية في الوقت الحاضر بالنسبة إلى سحب الأجهزة من مريض ميؤوس من حالته أي لا أمل في شفائه طبيًا يعتبر جريمة لا تغفر، أما سحب الأجهزة من إنسان فقد جميع وظائف دماغه واعتبر طبيًا أنه ميت، فهذا يجب أن تسحب الأجهزة منه من وجهة النظر الطبية ويعتبر في حكم الأطباء هو ميت حكمًا.
يا سيدي إن المقدرة على الوعي والتفكير والتصور والإحساس والاستجابة وتنظيم وظائف الجسم وتنسيقها أمور جوهرية لتقرير الإنسانية في الجسد فإذا اختفت جميع هذه الوظائف اختفاء نهائيًا لا عودة عنه لم يعد بالإمكان اعتبار الجسد ككل شخصيًا حيًا بالمعنى الشامل.
إن التشخيص المبكر والصحيح لموت الدماغ هام جدًا ليس فقط لأسباب طبية ولكن لأسباب كثيرة ومتعددة وعلى رأسها الاعتبارات الطبية الشرعية لتقرير ساعة الوفاة ومثال على ذلك تقرير الإرث، وهنا أضرب مثلًا أن شخصًا يوجد في مركز الإنعاش، وهذا الشخص مات دماغه واعتبر طبيًا أنه لم يمت ولم يقرر الأطباء ذلك وهو في الحقيقة ميت وفي هذه الأثناء في هذه الأيام في هذه الساعات ماتت زوجته فهو يرث من زوجته، وإذا مات هو فإخوانه يرثون منه، وهذا الحكم طبعًا غير صحيح لأنه مات قبل زوجته فتقرير الحكم والتقرير الصحيح فإن هذا الإنسان مات مهم جدًا.
كذلك أضرب مثالًا آخر إلى حوادث القتل، كثير من الأشخاص الذين يصيبهم رصاص أو حوادث ينقلوا إلى وحدة الإنعاش ويعتبروا طبيًا أنهم في حكم الأموات إذا بقوا في غرفة الإنعاش، وهذه حدثت أن جاء إنسان آخر وقتلهم فمن يعتبر القاتل هل هو الأول أو هل هو الثاني؟
ولهذا يا سيدي يجب أن ننتبه إلى هذا الموضوع بصورة جدية لتقرير موت الدماغ واعتباره كموت حقيقي للأسباب التي سأذكرها.