أما بالنسبة لتعريفات الفقهاء وتشخيصات الفقهاء فلا شك أن التعريفات السابقة قد حكمت بالموت على مئات الآلاف من الأشخاص بينما كانوا أحياء، والدليل على ذلك ما ذكره الشيخ السلامي في قوله يرى الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه " أن المولود إذا لم يصرخ لا يعتبر حيًا ولو تنفس" يعني هم عندهم لو تنفس ما يعتبروا التنفس، بينما نحن لو تنفس نعتبره حيًا بدون شك ولو تنفس أو بال أو تحرك كل هذا عندنا طبعًا علامة للحياة، بينما يرى الإمام مالك أنه ليس حيًا. ومعنى هذا أنه لا يحكم له بالحياة لمجرد التنفس حتى يقرن به البكاء.
وقال ابن الماجشون: إن العطاس يكون من الريح، والبول من استرخاء المواسك واعتبروا الرضاع، بدءوا يتناقشون: هل الرضاع دليل على الحياة أو لا؟ يعني الطفل حي ويرضع وكل هذا هم مصرون على أنه ميت، ثم إن عمر رضي الله عنه لما طعن وسقاه الطبيب اللبن وخرج اللبن من الأمعاء قال الطبيب: هذا ميت، واعتبره الفقهاء المتأخرون أو بعض الفقهاء على الأقل أنه ميت ولو قتل شخص عمر لما اعتبره قاتلًا، بينما هذه الحالة تعتبر تافهة جدًا مما يعتبره الطبيب، يعني "ريجان" لما ضرب بالرصاص اخترق رئتيه الرصاص واخترق التامبور يعني غشاء القلب أيضًا، غشاء القلب اخترقته الرصاصة، ومع هذا لم يعتبره الأطباء ميتًا بل سارعوا لإنقاذه.
نحن في الواقع الشروط التي وضعها الفقهاء للموت شروط تؤدي إلى حكم بالموت على مئات الآلاف بل ملايين الأشخاص الأحياء لو اتخذنا تعريفات الفقهاء في أن هذا هو الموت انخسف رجله بردت يداه كل هذه التعريفات التي يتخذونها علامات ليست علامات للموت.
هي علامات أحيانًا توقف الدورة نسبيًا أو شيء ما جس النبض، كل هذه العلامات لو اتخذناها لحكمنا بالموت على مئات بل على ملايين من الأشخاص إذا أخذنا النظرة التاريخية الماضية خلال ألف وأربعمائة عام لكان ذلك قتل لآلاف بل ملايين الأشخاص، بينما النظرة الطبية لهذا فرضت القوانين والدول أنه لا يحق للشخص العادي أن يعلن الموت الطبيب، فكانت معظم - يعني كل الحالات - يشخصها الطبيب ويعلن حالة الوفاة الطبيب، ويوقع على شهادة الوفاة الطبيب، لأنه هو المسئول وهو ذو الخبرة، ثم جاءت حالات ما هو أشد وأعقد نتيجة التقدم الطبي فصار الأمر إلى نوع معين من الموت وهو موت الدماغ نتيجة المحاولات الحثيثة أنقذ ما لم يكن ممكنًا إنقاذه، قبل عشرين سنة هذا لم يكن موجودًا لأنه لم يكن إنقاذ بعض هؤلاء الأشخاص، الآن بموت الدماغ أو بالوسائل الحديثة أمكن إنقاذ مجموعة من هؤلاء الأشخاص.
فلا بد أن يعرف أن موت الدماغ يشمل توقف التنفس وإلا لما كان موتًا للدماغ، لو كان التنفس تلقائيًا موجودًا أو حتى لو رفعنا بالتنبيه وغيره ثم استطاع هذا الشخص أن يتنفس ولو لحظة واحدة لما اعتبر ميتًا. موت الدماغ نفسه يفرض أن التنفس قد توقف لا رجعة فيه توقفًا نهائيًا.