للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية للنسائي أن ابن عباس قال: عجبت ممن يتقدم الشهر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) .

وفي لفظ ((صوموا لرؤيته)) . الحديث.

وفي لفظ ((لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته)) .. الحديث.

وفي لفظ لأبي داود: ((لا تقدموا الشهر بصيام يوم أو يومين ... ولا تصوموا حتى تروه، ثم صوموا حتى تروه)) .. الحديث.

٤- أما هديه الفعلي صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لم يتحفظ لغيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يومًا ثم صام)) أخرجه أبو داود.

المبحث الثاني: في فقه هذه النصوص.

فهذه النصوص الصحيحة تدل دلالة صريحة على أصول شرعية في أحكام الشهور وإثبات أوائلها على ما يلي:

الأصل الأول: أن الشرع جعل علامة أول الشهر: الهلال لا غير، وأن ليس لأول الشهر حد عام ظاهر سواه.

الثاني: أن جنس الشهر القمري الشرعي منحصر أقله في (٢٩) يومًا، وأكثره في (٣٠) يومًا، وأنه لا يشرع الصوم بحال حتى يمضي (٢٩) يومًا من شعبان ولا بد أن يصام في رمضان (٢٩) يومًا لا يصام أقل منها بحال.

الثالث: أن أول الشهر لا يعتبر إلا بيقين، وهذا مطرد من قاعدة الشريعة في العبادات المؤقتة: أنه لا يصح وقوعها إلا في وقتها بيقين تام، ولهذا ربط الله أسبابها بعلامات يقينية لا مدخل للعباد فيها بل هي سنن كونية ثابتة يستوي في معرفتها عموم الخلق: علماء، وعامة، حاضرة، وبادية، وهذا من أجل أسباب اليسر ورفع الحرج في الشريعة.

الرابع: أن الشرع علق الأحكام التعبدية الشهرية على الأهلة بطريقي اليقين: الرؤية أو: الإكمال، وذلك:

١- لسهولته، ويسر يقينيته.

٢- ولأنه لا يدخله الخطأ.

٣- ولأن كل نظام سواه الأصل فيه خطأ، كالحساب فإنه مع عسره وندرة العارف به يدخله الخطأ كثيرًا كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>