للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووفق النووي بين حديث عائشة بعدم الاستعانة بمشرك في غزوة بدر والحديث الآخر الذي استعان فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بصفوان بن أمية قبل إسلامه كما قال الشافعي وآخرون بأن الكافر إذا كان حسن الرأي في المسلمين ودعت الحاجة إلى الاستعانة به استعين به وإلا فيكره وحمل الحديثين على هذين الحالين (١) .

وقيد المالكية الاستعانة بهم لخدمة كنوتيٍّ أو خياط أو هدم حصن (٢) ويقيده بعض الشافعية بأن تؤمن خيانتهم ويكونون بحيث لو انضمت فرقتا الكفر قدروا على مقاومتهم (٣) .

وللحنابلة رايتان: الجواز وعدمها، قال في المغني: (ولا يستعان بمشرك، وبهذا قال ابن المنذر والجورجاني وجماعة من أهل العلم وعن أحمد ما يدل على جواز الاستعانة به وكلام الخرقي يدل عليه أيضًا عند الحاجة وهو مذهب الشافعي لحديث الزهري الذي ذكرناه وخبر صفوان بن أمية ويشترط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين فإن كان غير مأمون عليهم لم تجز الاستعانة به، لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من المسلمين مثل المخذل والمرجف فالكافر أولى) (٤)

وبعد فإن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ليس فيها استعانة بالمعنى السابق وهو استعداء الكفار على المسلمين ومقاتلتهم بالسلاح فإن قضاء المحكمة إنما هو استجلاء للحقيقة ومعرفة من هو صاحب الحق ومن هو المعتدى عليه فإن امتنع عن رد الحق إلى صاحبه بعد ذلك كان في حكم الباغي من كل وجه ومن ثم تكون الاستعانة هي الخيار الحقيقي للمبغي عليه والسبيل الوحيد للظفر بحقه.

والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدكتور عبد الله محمد عبد الله


(١) شرح النووي جـ ٢ /
(٢) الشرح الكبيرجـ ٢ / ١٧٨.
(٣) منهاج الطالبين جـ ٤ / ٢٢١
(٤) المغنى جـ ٩ / ٢٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>