للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا برزت الدعوى إلى إنشاء محكمة العدل العربية كضرورة يفرضها الواقع وتحتمها الظروف، حتى يتسنى حل أهم المنازعات بين الدول العربية في ظل القانون الذي يجمع بينها، وتم تشكيل لجنة (سنة ١٩٨٢) من كبار الخبراء العرب في القانون الدولي، وفي السياسة، ومنهم من تولى منصب القضاء في محكمة العدل الدولية، فاستلهموا مبادئ الجامعة والواقع العربي، واستأنسوا بأنظمة المحاكم الدولية، وأعيد تشكيل هذه اللجنة في سنة ١٩٨٥، ثم في سنة ١٩٩١، وأعد مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية، وعرض على مجلس الجامعة في عدة دورات، وينتظر إقراراه في الدورة الرابعة بعد المائة.

وأبرز ما جاء في المشروع:

١- لا يقتصر حق التقاضي أمام هذه المحكمة على الدول الأعضاء، بل تمنح الدول غير الأعضاء حق اللجوء إلى المحكمة إذا كانت تربطها بالدول الأعضاء اتفاقيات أو معاهدات وقبلت بولاية المحكمة.

٢- لمحكمة العدل العربية ولاية إلزامية في حالات محددة، من أهمها: النزاعات التي تهدد الأمن القومي العربي.

٣- تطبق المحكمة على النزاعات التي ترفع إليها أحكام الشريعة الإسلامية، والعرف العربي، والمبادئ العامة للقانون التي استقرت في الدول العربية بالإضافة إلى مبادئ وقواعد ميثاق الجامعة وأحكام القانون الدولي.

٤- تتألف المحكمة من سبعة قضاة، ينتخبهم مجلس الجامعة بأغلبية الثلثين، من بين مواطني الدول الأعضاء الحائزين على المؤهلات القانونية المطلوبة للتعيين في أعلى المناصب القضائية، ومن المشهود لهم بالكفاءة في الشريعة أو القانون الدولي.

٥- تكون اللغة العربية اللغة الرسمية للمحكمة، ويؤدي القضاة قبل أداء وظائفهم اليمين التالية: (أقسم بالله العظيم أن أؤدي واجبات وظيفتي بصدق وأمانة ونزاهة) .

٥- محكمة العدل الإسلامية

أقر مؤتمر القمة الإسلامي الخامس (الكويت ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م) مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية، لتكون حكمًا وقاضيًا وفيصلًا فيما ينشأ بين الدول الإسلامية من خلافات، بعد ما لاحظ – ببالغ الأسف – ما انتهت إليه الإنسانية المعاصرة، رغم مظاهر التقدم المادي واتساع المكاسب العلمية والتقنية، من الفقر الروحي ومن الانحلال في العقائد والأخلاق، وبعد ما لاحظ ما اعترى المجتمعات الإسلامية من الوهن في الذاتية، والضعف في الفاعلية الحضارية، وخضوع العديد منها للهيمنة الأجنبية، وتعرضها لشتى وجوه الظلم والعدوان، رغم ما تهيأ لها من مقومات الوحدة، وعوامل التقدم والنهضة، ودواعي العزة والرفاهية.

وقد أفردت لدراسة نظام محكمة العدل الإسلامية بحوث قيمة (١) ، يعنينا منها في هذا المقام استعراض بعض العناصر الأساسية التي تميز هذه المحكمة عن غيرها من التنظيمات القضائية الدولية.

أولًا – تشكيل المحكمة:

تشكل هيئة محكمة العدل الإسلامية من سبعة قضاة ينتخبون من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية لمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة. ويجري الانتخاب بالاقتراع السري من قائمة بأسماء الأشخاص الذين تشرحهم الدول الأعضاء في المنظمة، ويراعي في الانتخاب التوزيع الإقليمي والتمثيل اللغوي للدول الأعضاء. ويشترط لانتخاب عضو في المحكمة: أن يكون مسلمًا، عدلًا، من ذوي الصفات الخلقية العالية، ومن رعايا إحدى الدول الأعضاء في المنظمة، على ألا يقل عمره عن أربعين عامًا، وأن يكون من فقهاء الشريعة المشهود لهم، وله خبرة في القانون الدولي، ومؤهلًا للتعيين في أرفع مناصب الإفتاء أو القضاء في بلاده، ويحلف كل عضو من أعضاء المحكمة في أول جلسة علنية اليمين التالية: (أقسم بالله العظيم أن أتقي الله وحده في أداء واجباتي، وأن أعمل بما تقتضيه الشريعة الإسلامية وقواعد الدين الإسلامي الحنيف دون محاباة، وأن التزم بأحكام هذا النظام وأحكام ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي) .


(١) يمكن الرجوع إلى الكتابات الخاصة بمحكمة العدل الإسلامية، والتي تناولت كل جوانب النظام الأساسي لهذه المحكمة ومراحل تطوره، ونخص بالذكر من بينها: توفيق بوعشبة: منظمة المؤتمر الإسلامي؛ الحولية الفرنسية للقانون الدولي، باريس: ١٩٨٢، ص٢٨٤ وما بعدها (مرجع بالفرنسية) ؛ صلاح عبد البديع شلبي، التضامن ومنظمة المؤتمر الإسلامي، القاهرة: ١٩٨٧، ص ٨٩ وما بعدها؛ عبد الله الأشعل، أصول التنظيم الإسلامي الدولي، القاهرة: ١٩٨٨، ص ١٨٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>