للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتكام المسلمين إلى المحكمة الدولية

هل يجوز احتكام المسلمين إلى المحكمة الدولية في نزاعاتهم أو فيما بين المسلمين وغيرهم أم لا؟ ظهر مما قدمنا في المسألة السابقة بأن احتكام المسلمين إلى المحكمة الدولية لا يجوز سواء كان بين المسلمين أو بينهم وبين غيرهم والأدلة على حرمة الاحتكام في المسألة السابقة تجري هنا.

نعم كما يجوز للمسلم أن يحتكم إلى محاكم غير إسلامية في بلاد كافرة عند الحرج أو الضرر، أو الاضطرار فكذلك يجوز للمسلمين أن يحتكموا إلى المحكمة الدولية عند الحرج أو الضرر أو الاضطرار، فلا نعيدها.

هل يجوز أن يحكم المسلمون في غير البلاد الإسلامية رجلًا منهم، ثم يرفعون نتيجة ذلك إلى المحاكم المحلية غير إسلامية لتكتسي صبغة التنفيذ أم لا؟

حكم هذه المسألة أيضًا ظهر مما تقدم بأنه وإن لم يكن تحاكمًا إلى محاكم غير إسلامية إلا أنه ركون إلى الظالم، وأنه مما يوجب السبيل للكافر على المؤمن، وعلو الكفر على الإسلام، فلا يجوز.

نعم ولو لزم من عدم الرفع حرج أو ضرر جاز رفع النتيجة للتنفيذ.

الإسلام ومبدأ التحكيم الدولي

نبذة عن تأسيس المحكمتين الدولية والإسلامية:

قلنا في مطلع البحث: إن التحكيم قد يشكل ظاهرة بشرية عامة فعرفت الوساطة والتحكيم منذ كانت الأمم وكانت الحروب وقد وضعتا كطريقتين سلميتين لأجل تسوية المنازعات الدولية في اتفاقات مؤتمري لاهاي سنة ١٨٩٩ م وسنة ١٩٠٧ م، وقد أنشئت محكمة التحكيم الدائمة، ومحكمة العدل الدولية بعدها حيث نظمت مجددًا بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة عبر ميثاق خاص بها تمت المصادقة عليه في مؤتمر الأمم المتحدة في سان فرانسيكسو بتاريخ ٢٦ حزيران ١٩٤٥ م وهي تشكل الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة وتتألف من خمسة عشر قاضيًا تنتخبهم الجمعية العمومية ومجلس الأمن من لائحة مرشحين لمدة تسع سنوات على أن يتغير ثلثهم كل ثلاث سنوات، وقد عينت مدينة لاهاي (هولندا) مركز للمحكمة ولها حق الاختصاص بإعطاء الفتاوى الاستشارية حسب شروط نظامها، والاختصاص للحكم في بعض القضايا المحالة إليها بصورة قضائية لكن اختصاصها القضائي اختياري مبدئيًّا؛ لأن بعض الدول الكبرى رفضت الاختصاص الإلزامي محافظة على حريتها في العمل (١) .


(١) القانون والعلاقات الدولية في الإسلام للدكتور محمصاني ص ١٦٠ ما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>