هذه هي حقيقة الشهر عند الفلكيين، وهذا مقداره عندهم.
أما حقيقته الشرعية: فهي الرؤية له عند الغروب أي أول ظهور القمر بعد السواد وهذا بالإجماع، حكاه ابن رشد وغيره.
ومقدار الشهر القمري الشرعي هو: لا يزيد عن (٣٠) يومًا، ولا ينقص عن (٢٩) يومًا.
وعليه فهناك فروق الاعتبارات الشرعية والاعتبارات الفلكية في عدة أمور:
١- الشهر يبتدئ عند الفلكيين قبل البدء بالاعتبار الشرعي ونتيجة لذلك فهو ينتهي قبل.
٢- الشهر مقدر بوحدة زمنية ثابتة عند الفلكيين هي (٢٩) يومًا و (١٢) ساعة و (٤٤) دقيقة، أما بالاعتبار الشرعي فهو إما (٣٠) يومًا أو (٢٩) يومًا.
٣- أن الشهر يبتدئ باعتبار الشرع بطريق (الحس) والمشاهدة بالعين الباصرة أو بالإكمال بخروج الهلال حقيقة، أما باعتبار الفلكيين فهو: بتقدير خروجه لا بخروجه فعلًا.
٤- عند الفلكيين لا فرق أن يتم الاقتران والانفصال ليلًا أو نهارًا، فلو جعل الاقتران والانفصال قبيل الفجر فاليوم عندهم هو بعيد الفجر مباشرة، ولو حصل أثناء النهار فإن الشهر يبتدئ في اللحظة التالية له، أما باعتبار الشرع فالمعتبر الرؤية بعد الغروب، فلو رؤي نهارًا بعد الزوال فهو لليلة المقبلة ولا يصام ذلك النهار الذي رؤي فيه، وهذا بلا نزاع بين أهل العلم بل حكي الإجماع عليه، أما إذا رؤي نهارًا قبل الزوال فالجمهور منهم الأربعة أنه لا عبرة بذلك ويكون لليلة المقبلة، والله أعلم.
ثانيًا: دلالة النصوص النصية على أن إثبات أول الشهر بالإهلال أو الإكمال إذا لم ير الهلال وحال منظره قتام أو سحاب، فلو صار اللجوء إلى الحساب الفلكي وقرر الحاسب أن الشهر سيهل بمضي (٢٩) يومًا لصار هذا ملغيًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكمال وقاضيًا على موجب النص.
ثالثًا: أن صاحب الشرع جعل رؤية الهلال خارجًا من شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت الحكم فألجأ الشرع إلى سبب شرعي آخر هو: إكمال العدة ثلاثين يومًا التي هي أقصى مدة للشهر القمري بنص الشرع.