الذي تناوله الباحثون في هذه المسألة فيقوم على وجوب أن يكون مصدر الحكم في هذا التحكيم هو الشريعة الإسلامية.
ثالثًا: اتفق الباحثون على أن الإسلام يرحب بالتحكيم الدولي الرضائي كوسيلة لحل المنازعات بين الدول أو المؤسسات. أما التحاكم في هذا الشأن إلى غير المسلمين فإنه وإن كانت غالبية البحوث ترى ما يراه حجة الإسلام التسخيري – حفظه الله – من أنه لايجوز إلا إذا كانت تمليه ضرورة دولية تعاونية، باعتبار أنه لا يمكن أن تنفرد دولة إسلامية بمسيرة خاصة بها في العلاقات الدولية إلا أنه مع ذلك قد يكون من المفيد أن أشير إلى ما جاء في بعض البحوث الأخرى في هذا الشأن. فبحث العارض يقترح بأن يؤخذ برأي من يسمح بأن يمثل الجانب غير المسلم ممثل غير مسلم تقديرًا للمصالح التي تقتضي ذلك والتي يقرها الشرع في مواضع كثيرة وذلك على نحو ما ينادي به بعض فقهائنا المعاصرين كالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي – حفظه الله – من أن إشراك غير المسلم في هيئة التحكيم بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول أصبح أمرًا لا مفر منه حتى يطمئن كل طرف إلى أن ممثله سوف ينقل وجهة نظره ويدافع عنها بكل ما أوتي من قوة في البيان والبرهان.
أما الأستاذ الدكتور عبد العزيز خياط فقد أشار في بحثه إلى رأي للدكتور وهبة الزحيلي في كتاب في موضع آخر من كتب فضيلته يتكلم فيها عن تطبيق المادة (٣٧) من اتفاقية لاهاي، فيقول: إنه طبقًا لنص المادة (٣٧) من اتفاقية لاهاي: فإن القانون واجب التطبيق في محكمة العدل الدولية هو قواعد العدل والحق، وأن ذلك لا يتنافى مع الشريعة الإسلامية. وقد أورد ذلك الدكتور الخياط ثم عقب عليه بأن اللجوء إلى المحكمين يقتضي أن يكون منهم مسلمون، وأن يلتزموا بأحكام الشريعة الإسلامية في التحكيم وأنه لا يكفي في هذا الصدد الاستناد إلى قواعد العدل والإنصاف فهي قواعد مبهمة، ولا الاستناد إلى الأعراف الدولية، إذا أن منها ما هو صحيح ومنها ما هو فاسد. أما الأستاذ الدكتور عبد الله محمد عبد الله فقد ناقش في بحثه حكم الاستعانة بغير المسلمين واستعرض آراء الفقهاء في هذا الشأن، ثم انتهى إلى أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ليس فيه استعانة بالمعنى الدقيق فقضاء المحكمة هو استجلاء للحقيقة ومعرفة من هو صاحب الحق ومن هو المعتدى عليه، فإن امتنع هذا عن رد الحق إلى صاحبه كان في حكم الباغي من كل وجه، ومن ثم تكون الاستعانة هي الخيار الحقيقي المبني عليه والسبيل الوحيد للظفر بحقه.