للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد استعراض أقوال الفقهاء في الأمراض المعروفة عندهم وجدت أنها تنقسم إلى ثلاثة مذاهب في الجملة (١) .

فمنهم من يرى عدم جواز التفريق مهما كانت الأسباب والموانع.

ومنهم من يعطي حق طلب التفريق للمرأة دون الزواج.

ومنهم من يعطي حق طلب التفريق بسبب المرض الموجود قبل العقد دون الحادث بعده.

ومنهم من يرى أن لكل من الزوجين حق التفريق مطلقًا سواء في ذلك الأمراض الموجودة قبل العقد أو الحادثة بعده وإليك مذاهبهم على النحو الآتي:

المذهب الأول:

ذهب الظاهرية إلى أن النكاح إذا صح لا يجوز فسخه مطلقًا سواء كان المرض موجودًا قبل العقد والدخول أم حدث بعد العقد وقبل الدخول أو بعدهما ولا فرق في ذلك بين وجود المرض في الرجل أو المرأة إذ لا يجوز للقاضي ولا لغيره أن يفرق بين زوجين صح عقد نكاحهما بحال.

جاء في المحلى: [لا يفسخ النكاح بعد صحته بجذام حادث ولا ببرص كذلك ولا بجنون كذلك ولا بأن يجد بها شيئًا من هذه العيوب ولا بأن تجده هي كذلك] (٢) .

وقد شنع ابن حزم على القائلين بالتفريق بين الزوجين لمرض معد أو غير معد وأنكر عليهم أشد الإنكار حيث قال: [هذا هو الباطل الذي لم يصح قط عن أحد من الصحابة – رضي الله عنهم – ولا جاء قط في قرآن ولا سنة ولا في رواية فاسدة ولا أوجبه قياس ولا معقول] (٣) .

والظاهر أن الشوكاني يتفق مع الظاهري في ذلك حيث قال: [من أمعن النظر لم يجد في الباب ما يصلح للاستدلال به على الفسخ بالمعنى المذكور عند الفقهاء] (٤) .


(١) هذا المطلب ملخص من رسالتي – التفريق بين الزوجين بحكم القاضي – قد خرجت موضوع البحث – مرض الإيدز – على ما كتبته سابقًا
(٢) ابن حزم المحلى: ١١ / ٣٥٧
(٣) ابن حزم، المحلى: ١١ / ٣٥٧
(٤) الشوكاني، نيل الأوطار: ٦ / ١٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>