يحدثنا تاريخ القرون الوسطى أن وباء الطاعون كان قد اجتاح أوربا فحصد منها عشرات الملايين ويقول مؤرخو الطب: كان الطاعون يستأصل من البشرية أكثر ما تستأصله الحروب.
ويقال إن أول من طبق الحرب الجرثومية هم التتار في عام ١٣٤٧ حيث حاصروا قلعة في القرم تحصن فيها قراصنة البندقية وتجارها، فلقد لاحظوا أن الآلاف ماتوا خلال أيام بسبب المرض، فما كان منهم لشدة غيظهم إلا أن حملوا جثث الأموات وقذفوها بالمنجنيق فوق أسوار القلعة فانتشر الطاعون بين الإيطاليين فقضى عليهم، ومن تبقى منهم هرب في السفن إلى إيطاليا، حيث انتشر المرض بكل قوته في أوربا فقضى خلال سنوات قليلة على حوالي ٢٥ مليون، وحتى نعرف معنى الرقم فيجب أن نعلم أن عدد السكان في كل أوربا لم يكن يتجاوز ١٠٠ مليون نسمة.
واليوم يطل على الإنسانية وباء مرعب، حتى الآن تشير الإحصائيات المعلنة أنه قد حصد خمسة عشر مليونًا، وإنه سريع الانتشار كسرعة وسائل المواصلات بين البشر ثورة والاتصالات ... إنه الإيدز.
وإذا كانت البشرية قد أنفقت أربعمائة عام حتى تمكن الطب من كبح جماح الطاعون بإيجاد الأمصال والأدوية اللازمة للانتصار على الطاعون فكم يلزمها لكبح جماح الإيدز؟!.
إننا رغم النجاحات المذهلة في العلم – خاصة في الطب ومستلزماته – فقد وقف المعنيون اليوم مندهشين أمام اجتياحات هذا الطاعون الجديد، وهم عاجزون أيضًا عن مواجهته باكتشاف الأدوية المضادة وهو الآن يتغلغل في مجامع الناس والمجتمعات، قاصيها ودانيها، وإنه يهدد الحضارة الإنسانية المعاصرة بعذابه الأليم والمهين، إنه يهدد كبرى المدن الأمريكية مثل نيويورك ولوس أنجلوس وغيرهما من كبريات مدن أوروبا والعالم مع انتشار الفوضى الجنسية، والشذوذ الجنسي – اللواط – والمخدرات.