للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا يدرك العقلاء حكمة الله تعالى في تحريم الإباحية وقصر قضاء الشهوة على طريق مأمون العواقب، وهو الزواج، واعتبار ذلك طريق المؤمنين الفالحين، والخروج عنه جريمة وتعديًا، حيث يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٥ – ٧]

وقد شدد الله النكير على من يقع في جريمة الزنا حيث جعل حده مائة جلدة إن كان غير محصن كما بينت الآية الكريمة: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢]

وإن كان محصنًا، وهو من سبق له زواج شرعي فحده الرجم حتى الموت لقوله صلى الله عليه وسلم عقب نزوله الآية السابقة: ((خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) . . . . (١) .

وشدد النكير كذلك على جريمة اللواط حيث جعل حدها القتل (بالحجارة أو الرمي من شاهق) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)) . . . . (٢) .

ويدركون الحكمة كذلك في تسمية الزواج إحصانًا والمتزوج محصنًا في قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤] وقوله: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: ٢٥] .

ولذا رغبنا الشرع في الزواج لأنه الطريق الوحيد لإرواء الغرائز وابتغاء النسل وتحقيق كرامة الإنسان، حيث بين لنا الله أن ذلك من سنن المرسلين في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: ٣٨] . وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ((أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطر والسواك والنكاح)) (٣) .


(١) صحيح مسلم – حدود – ورقم الحديث بالمختصر: ١٠٣٦
(٢) سنن أبي داود – حدود -: ٢٨، وسنن ابن ماجة حدود
(٣) سنن الإمام أحمد: ٥ / ٤٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>