وهكذا تكذب كل شهادة في رؤية الهلال إذا كانت في وقت تستحيل رؤيته فيه، والغريب أنه لم يقع اعتبار كل هذه الضوابط التي يقرها العقل السليم، ولم تعتبر من القوادح في الشهادة، بل اكتفى بشهادة الشهود، وقبلت ولو من واحد عند الإعلان عن الشهر القمري في بلدان من العالم الإسلامي في هذه السنوات الأخيرة، وفي نظري أن هذه الأجزاء من الأسباب التي زادت في تباين المسلمين في بداية الشهور والأعياد.
فالرؤية البصرية في نظري لا يمكن أن تكون أكثر من وسيلة من وسائل العلم، والله عندما قال:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (فإنما أراد العلم بوجوده: فكل من علم منكم بوجود الشهر وجب عليه صومه، فوجود الشهر شرعًا يكون بوجود هلاله بعد غروب الشمس بأي طريق من طرق العلم، وإنما نص الشارع على الرؤية باعتبارها إحدى وسائل العلم بوجود الهلال، وهي المتعارفة عند نزول الآية.
ولعل ما قدمه علماء الدين والفلك في هذا المجمع المبارك يمكن أن يمثل البداية للخروج من الخلاف وقد أصبحت مسألة توحيد بداية الشهور القمرية بعد كل هذه الجهود واضحة تتطلب أخذ قرار حازم من مجمعكم يأخذ كله هذه الملاحظات بعين الاعتبار لكي يبعد الأمة الإسلامية عن البلبلة التي وقعت فيها منذ سنوات، ويوضح لها معالم الطريق حتى تسير في السبيل السنوي، والله الهادي إلى سواء السبيل.