وفيما يلي بسطة علمية تفسر وتوضح النقاط التقنية التي جاءت بهذه المقدمة مقرونة ببعض الدلائل التي لا يمكن القدح فيها.
منذ القديم، مثلت تحركات القمر والحالات الظاهرية التي تنشأ عنها مصدر تساؤلات عديدة، من قبل المهتمين بالمجال السماوي.
فمن المعلوم أن الشعوب القديمة اهتمت بكل الظواهر التي لها علاقة بالقمر، ونجد ذلك من خلال اعتنائهم برسم خرائط سماوية يخترقها القرص القمري من حين لآخر، كما قامت بإنشاء جداول زمنية تعتمد أساسًا على الحالات التي يمر بها القمر، فكان أن ظهرت للوجود وحدة القياس الزمنية التي يعبر عنها بالشهر القمري، وهي الفترة التي تفصل بين حالتين متشابهتين لجرم الليل، ومن بين الاهتمامات الأخرى في هذا المجال قيام الفلكيين القدامى بحسابات تقريبية مكنتهم من التعرف على مختلف الدورات الزمنية للظواهر الأخرى المتعلقة بقرص القمر، ونذكر مثلًا حالات الكسوف والخسوف التي شغلت لزمان طويل لب الدارسين للأجرام الخارجية.
التحركات الظاهرية للقمر:
يمكن لكل واحد منا أن يلاحظ لعدة أيام أن القمر يبدأ في ظهوره في القبة السماوية من الشرق ليختفي بعد اختراقه المجال العلوي لهذه القبة من الغرب، وهذا ليس بغريب نظرًا لأن القمر يشارك الأجرام البعيدة الأخرى الحركات الظاهرية الليلية الناتجة عن دوران الأرض حول نفسها.
ولكن هذه التحركات الظاهرية لهذه الأجرام البعيدة والتي تعاد كل ليلة في نفس الوقت، ليست مثل التحركات القمرية، ذلك لأن القمر يقوم بتحركات ذاتية تبعده كل ليلة عن موقعه السابق.
فالذي نلاحظه كل ليلة يمكن تلخيصه كالآتي:
إذا راقبنا قرص القمر في ليلة لما، وقمنا برسم موقعه على خريطة سماوية في وقت معين فإننا سنجد موقعه هذا قد تغير في الليلة المقبلة في نفس ذلك الوقت، ونجد أنه قد تأخر لمدة تقارب الساعة عن الموقع الأصلي.