للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على ذلك أيضاً ما أخرجه الدارقطني والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمى حين يذبح فليسم، وليذكر اسم الله ثم ليأكل)) (١) ذكره الحافظ في التلخيص، ثم قال: وقد صححه ابن السكن (٢) وقد أعله بعض المحدثين بمعقل بن عبد الله، ومحمد بن يزيد بن سنان. ولكن معقل بن عبد الله من رجال مسلم، ومحمد بن يزيد بن سنان وثقه ابن حبان والنفيلي ومسلمة, (٣) وقد أخرج عبد بن حميد عن راشد بن سعد مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ذبيحة المسلم حلال سمي أو لم يسم، ما لم يتعمد، والصيد كذلك)) ذكره السيوطي في الدر المنثور. (٤)

وهذه الروايات المرفوعة مؤيدة بما علقه البخاري عن ابن عباس موقوفا قال: " من نسي فلا بأس ". (٥) ووصله الدارقطني، وسعيد بن منصور وغيره، ثم قال الحافظ: "وسنده صحيح " (٦)

وبإزاء النصوص المتكاثرة التي تدل على وجوب التسمية عند الذبح، ما يستدل به الشافعية على عدم وجوبها لا يداني هذه النصوص في الثبوت والدلالة.

فمثلا: استدل بعضهم بقول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} قائلين: إن الله سبحانه وتعالى أطلق التذكية ولم يقيده بالتسمية، فظهر أنها غير واجبة. والجواب عن هذا الاستدلال واضح، وهو أن التذكية لها مفهوم معين في الشريعة، وقد دلت النصوص التي أسلفناها على أنها لا تحصل إلا بالتسمية، فالتسمية داخلة في مفهوم التذكية الشرعي، كما أن فري الأوداج داخل فيه. فذكر الله سبحانه التذكية كمفهوم كلي يشمل جميع أركانه الشرعية الثابتة بغيرها من النصوص، ومن جملتها التسمية، فالتسمية ملحوظة في قول الله عز وجل: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} .


(١) نصب الراية، للزيلعي: ٢/ ٢٦١
(٢) التلخيص الحبير
(٣) وراجع للبحث على إسناده: إعلاء السنن للتهانوي: ١٧/ ٦٨
(٤) الدر المنثور، للسيوطي: ٣/ ٤٢
(٥) صحيح البخاري، باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمدا، باب ١٥ من الذبائح
(٦) فتح الباري: ٩/ ٦٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>