يعتبر القمر جرم الليل نظرًا لظهوره الليلي المتميز بإشعاع قوي، وهذا الإشعاع يفوق كل الإشعاعات الصادرة عن الأجرام الأخرى سواء كانت نجومًا أو كواكب.
وبما أن القمر يدور حول الأرض مرة كل شهر، وأن إشعاعه ناتج عن انعكاس الضوء الذي يستقبله من الشمس، فإنه من البديهي أن يكون لقرص القمر حالات متعددة يمكن للمشاهد الأرضي أن يرقبها كل ليلة.
وقد سميت هذه الحالات بمنازل القمر، وهذا التتابع في الحالات الذي يتكرر مرة كل شهر قمري جعل بعض الشعوب والأمم تتخذ منه وحدة قياسية للزمن كالذي يحدث حاليًا بالنسبة للعديد من الدول التي تتخذ من الشهر الشمسي وحدة زمنية.
ومن بين الشعوب التي اهتمت بدراسة الوجوه المختلفة لقرص القمر بصفة خاصة نجد الشعوب الإسلامية، فقد اهتمت بالخصوص بتعيين وقت دخول الشهر القمري ووقت نهايته مرورًا بالمراحل الأخرى التي تتوسطهما، وذلك لأنها اتخذت الشهر القمري كمحدد للمقاييس الزمنية.
ولكن يبقى هنا أن نتساءل عن مصدر كل هذه الحالات المختلفة التي تطرأ على القرص القمري.
إن الشمس بنورها الذي تبعثه في كل أرجاء الفضاء المحيط بها، تضيء كافة الأجرام بصفة مماثلة، يعني أنه لو وجد جسم كروي في هذا الفضاء فإن نور الشمس سيغطي شطره، وبالتحديد المناطق المواجهة للأشعة المرسلة من القرص الشمسي، كل هذا ينطبق إذن على القمر، فإذا افترضنا وجود مشاهد خيالي في منطقة بعيدة عن الأرض فإنه سيرى القمر مقسمًا إلى شطرين: الأول مظلم، والثني مضاء بنور الشمس كالأرض.
فمن خلال هذه الملاحظات إذن يمكن أن نقول: إن الحالات المختلفة للقرص القمر لا تعدو أن تكون إلا حالات ظاهرية تبد لنا من الأرض مختلفة من يوم إلى آخر، نظرًا لاعتبارات هندسية ناتجة أساسًا عن انعكاس قسط من الأشعة التي ترسلها الشمس على القمر في مختلف مواقعها على مدارها حول الأرض.