للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تعارض صريح في عبارتي ابن العربي، ومتى وقع التعارض بين عبارتيه، فالأجدر بالقبول ما هو ثابت بالنصوص، ومؤيد بتعامل الأمة، دون الفتوى الشاذة التي تنابذها الأدلة القوية الآتية:

١- إن الله سبحانه وتعالى قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣) } ٍ [المائدة: ٣] فحرم المنخنقة والموقوذة على الإطلاق. فيشمل كل ما مات بالخنق والوقذ، فمن يستدل بعموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} على كون مخنوقة الكتابي أو موقوذته حلالا، يلزمه أن يقول بحل الخنزير الذي ذبحه كتابي، لأنه من جملة "طعام أهل الكتاب "، فإن تمسك بالآية المذكورة في حرمة لحم الخنزير، فإن نفس الآية تحرم المنخنقة والموقوذة، ولا سبيل إلى التفريق بينهما, فإن خصت الآية المذكورة لحم الخنزير من عموم "طعام أهل الكتاب " فإنها خضت المنخنقة والموقوذة أيضا على قدم سواء، بل بالطريق الأولى، لأن الخنزير حلال في دينهم، والمنخنقة والموقوذة حرام في أصل دينهم، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فإن كان الطعام الذي هو حلال في دينهم- وهو الخنزير- مستثنى من طعام أهل الكتاب المباح للمسلمين، فالطعام الذي هو حرام في أصل دينهم - وهو لحم المنخنقة والموقوذة- يكون مستثنى بالطريق الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>