أما قضية التسمية، فإنها صعبة جدا في استخدام هذا الطريق، فالمشكلة الأولى في تعيين الذابح، لأن التسمية إنما تجب على الذابح، حتى لو سمي رجل وذبح غيره لا يجوز, فالسؤال إذن، من هو الذابح في هذا الجهاز الميكانيكي؟ فيحتمل أن نقول: إن من شغَّل هذا الجهاز لأول مرة يعتبر ذابحا، لأن عمليات الأجهزة الكهربائية إنما تنسب إلى من شغلها؛ لأن الآلة ليست من ذوي العقول حتى ينسب إليها الفعل، فينسب الفعل إلى من استعملها، فيصير هو الفاعل بواسطة الآلة, ولكن المشكلة هنا: أن من يشغل هذا الجهاز في أول النهار مثلا، إنما يشغله مرة واحدة، ثم لا يزال يسير الجهاز طول أوقات العمل، وفي بعض الأحيان على مدار الساعة، فيقطع أعناق آلاف من الدجاج, فإذا سمي من شغله في أول النهار مرة واحدة، فهل تكفي هذه التسمية الواحدة للآلاف من الدجاج التي تذبح بهذا التشغيل في سائر النهار؟ والظاهر من النص القرآني:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} أن كل حيوان يحتاج إلى تسمية مستقلة يذبح بعدها على الفور، وعلى هذا الأساس استنبط الفقهاء الأحكام الآتية:
"وأما الشرط الذي يرجع إلى محل الذكاة، فمنها تعيين المحل بالتسمية في الذكاة الاختيارية, وعلى هذا يخرج ما إذا ذبح وسمي، ثم ذبح أخرى، يظن أن التسمية الأولى تجزئ عنهما؛ لم تؤكل، فلا بد أن يجدد لكل ذبيحة تسمية على حدة"(١)
(١) الفتاوى الهندية، كتاب الذبائح، الباب الأول: ٥/ ٢٨٦