للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك ملحظ آخر في موضوع التسمية على هذا الجهاز الأوتوماتيكي، وهو أن نقيس تشغيل الجهاز على إرسال كلب الصيد، حيث لا تجب التسمية عند هلاك الصيد، وإنما تجب عند إرسال الكلب، وقد يكون بين الإرسال وبين هلاك الصيد فاصل كبير، وقد يهلك كلب الصيد عدة حيوانات في إرسال واحد، والظاهر أن التسمية الواحدة تكفي لحل جميعها. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

"وإن سمي الصائد على صيد فأصاب غيره حل، وإن سمي على سهم ثم ألقاه وأخذ غيره فرمى به لم يبح ما صاده به، لأنه لما لم يمكن اعتبار التسمية على صيد بعينه اعتبرت الآلة التي يصيد بها بخلاف الذبيحة". ويحتمل أن يباح قياسا على ما لو سمي على سكين ثم ألقاها وأخذ غيرها. " وسقوط اعتبار تعيين الصيد لمشقته لا يقتضي اعتبار تعيين الآلة فلا يعتبر". (١)

وهذا، وإن كان متعلقاً بالذكاة الاضطرارية، ومسألتنا تتعلق بالذكاة الاختيارية، ولا تقاس حالة الاختيار على حالة الاضطرار، ولكن إذا نظرنا إلى حاجة إكثار الإنتاج في أسرع وقت، وذلك لازدياد العمران، وتكاثر عدد المستهلكين، وقلة الذابحين، وإلى أن الشريعة إنما أسقطت اعتبار تعيين الصيد لمشقته، كما يقول ابن قدامة رحمه الله، والمعهود من الشريعة في مثله دفع الحرج، فإن ذلك ربما يبدو مبررا لقياس حالة الاختيار على حالة الاضطرار في موضوع التسمية فقط، دفعا للحرج وتيسيرا على الناس.


(١) المغني لابن قدامة: ٣٣/١١ و ٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>