ويمكن لنا إذا أردنا أن نستعمل الحسابات المعتمدة في الدول المتقدمة لتعيين وقت دخول مثل هذه الظواهر، لأغراض تخدم مصالحنا الإسلامية، ومن ذلك فباستطاعتنا أن نعين وقت دخول الشهر القمري قبل عدة أشهر، ونقوم بالتثبيت التطبيقي عند حلول الشهر المعني مثلما أمرنا بذلك في الشريعة، وهذا في رأيي عين الصواب لتحاشي هفوات عديدة قد يكون ضحيتها أفراد الأمة الإسلامية من جراء رؤية قد تكون خاطئة، خصوصًا إذا كانت مصحوبة بحسابات فلكية بالية، وفي هذا السياق آخذ الواقعة التالية التي أتمنى أن يعتبر بها القارئ.
منذ سنوات، أعلنت بعض الإذاعات العربية عن رؤية الهلال، فتبعها، في ذلك عدد لا يستهان به من الدول العربية الأخرى، ثم اعترفت فيما بعد بالخطأ الذي وقعت فيه وكانت رؤية الهلال في ذلك المساء بالذات مستحيلة نظرًا لأن القرار يحصل بعد ١١ ساعة من الوقت الذي تم فيه الإعلان عن الرؤية، وقد أكد حدوث القران في ذلك الوقت وجود كسوف كلي في منطقة نصف الكرة الجنوبي، وكما سنرى فيما يلي فإن الكسوف إذا حدث فإنه يكون في وقت القران تمامًا، ولا يمكن لأضخم آلات الرصد الفلكية أن ترى الهلال إلا بعد مرور ساعتين على وقت حصول القران كما ذكرنا.
وفي المدة التي حصلت فيها هذه الحادثة، أراد مدرسان سوفياتيان متابعة الحدث والاطلاع على كيفية تعيين دخول القمر الجديد من قبل المسلمين، فكانت المفاجأة كبيرة إذ قال أحدهما بالحرف الواحد: كيف يمكن أن يحدث هذا الخطأ في البلاد التي كانت مهدًا لأعظم فلكيي الإنسانية؟
فلنتحر إذن كل الإشاعات الموجودة التي تقول: إنه من المستحيل معرفة وقت دخول الشهر القمري أو انتهائه بصفة علمية، ولو كان الأمر كذلك لما تمت للفلكيين معرفة سلسلة الكسوفات والخسوفات التي تحدث بعد عدة سنوات، وكما سنرى، فإن الكسوف والخسوف يتطلبان حسابًا أدق من ذلك الذي تتطلبه المعاينة العلمية لدخول الشهر.