يتساءل المرء عن أهم الفوائد التي يمكن أن نجنيها من حصول كسوف ما على الأرض.
صحيح أن هذه الفوائد كانت منعدمة في القديم، ولكن الأمور تغيرت في عصرنا الحاضر وأصبح الإنسان يحاول جاهدًا تفسير عدد من الظواهر باتت إلى حد هذا الوقت غير مفهومة، ومن بين المشاكل العلمية التي أمكن للعلماء حلها لما يحدث كسوف للشمس فذلك توصلهم لإثبات عدم وجود طبقات جو على سطح القمر، وقد كان هذا الإثبات نتيجة مقارنتهم لبقعة الظل النظرية التي يمكن أن يخلفها جسم كروي كالقمر بدون أن يكون له مجال جوي محيط به، وبين البقعة الحقيقية التي يسببها مرور القمر بين الأرض والشمس في وقت القران وفي حالة الكسوف الكلي وقد وجد العلماء أن هاتين البقعتين لهما نفس المساحة.
ومثل هذه التجارب مكنت علماء الفضاء من بعث مراكب فضائية مسكونة إلى سطح القمر بدون أن يكون هناك خوف على هذه المراكب من الاحتراق إذا ما اخترقت المجال القمري، وذلك لعدم وجود طبقات جو.
أما التجربة التي قام بها زملاء انشتاين لتثبيت نظريته في النسبية العامة، فقد كانت رائدة في التاريخ الفيزيائي الحديث، ولو لم تكن هذه التجربة التي قاموا بها أثناء كسوف كلي للشمس سنة ١٩١٨ والتي حاولوا عبرها إثبات انحناء شعاع الضوء عندما يمر قرب كتلة ضخمة، كما تنص على ذلك بعض الفصول النظرية لقانون النسبية العامة لما كتب لانشتاين أن يفرض ما جاء به نظرًا لما كانت تكتنفه هذه النظرية من غموض على الصعيدين النظري والتطبيقي.
أما الفوائد الأخرى التي يمكن أن يقدمها حدوث كسوف كلي للشمس في منطقة ما، فإننا نذكر الدراسات القائمة على قدم وساق، والتي سوف تمكن العلماء بعد بضع سنوات من التعرف على بعض الخصائص المجهولة لجرم الشمس.
وأجواء هذه الأخيرة، لا يمكن أن تدرس إلا عند حدوث كسوف كلي للشمس، ولهذا نرى أنه كلما علم بحصول كسوف كلي على منطقة ما، تهافت عليها العلماء من كل حدب وصوب للتمكن من إتمام الدراسات التي يقومون بها، ونشير هنا أن معدل الوقت تستمر فيه المراحل الكلية لكامل الكسوفات الكلية التي تحدث كل سنة على أرض لا يتجاوز ١٠ دقائق، وهذا الوقت جد قصير بالنسبة لدراسات هامة كتلك التي يقوم بها العلماء في هذا المجال، ولذا فإننا نراهم يستعدون كامل الاستعداد لرصد مثل هذه الحالات، وما التجربة الرائدة التي تحدثنا عنها والتي قام بها فريق من الباحثين على متن الطائرة لتتبع بقعة الظل إلا خير دليل على ذلك.