ولنا أن نقول بعد عدة لقاءات مع أطباء التخدير: إنه ينبغي التمييز بين عدة وسائل تتبع لتخدير المرضى:
أولا: التخدير عن طريق الأنف: وفي هذه الحال يشم المريض مادة غازية - كالهواء - تؤثر في أعصابه، فيحدث التخدير، فإن كان التخدير موضعيًّا بحيث لا يؤثر على المخ ولا يفقد الصائم وعيه، فيكون صومه صحيحا، لطبيعة المادة التي دخلت عن طريق الأنف، وإن كان التخدير كليا أفقد الصائم وعيه، بطل الصوم بسبب خروجه عن الوعي، لا بسبب طبيعة المادة الغازية.
ثانيا: التخدير الجاف: وهو نوع من العلاج الصيني، يعتمد على إدخال إبر مصمتة جافة إلى مراكز الإحساس تحت الجلد، فتستحث نوعا معينا من الغدد داخل البدن على إفراز المورفين الطبيعي الذي يحتوي عليه الجسم، وبذلك يفقد المريض القدرة على الإحساس في الموضع المحدد، وهذا النوع من التخدير لا يؤثر على صحة الصيام؛ لأن الغالب فيه القيام بالتخدير الموضعي الذي لا يغطي العقل، ولأنه لم يدخل معه شيء إلى البدن، بل حدث تفاعل فيزيائي داخلي أدى إلى هذه النتيجة.
ثالثا: التخدير بالحقن: وفي هذه الطريقة يقوم الطبيب بإدخال مادة سائلة مخدرة يحقنها في موضع معين من بدن الصائم:
أ - فإن كان الحقن في مكان آخر غير الأوردة والشرايين (كالحقن في اللثة أو في العضلة أو في رأس الألية أو نحو ذلك) فلا يفسد الصوم؛ لأن السائل يصل إلى البدن عن طريق المسام أو الشعيرات، ولأن التخدير الموضعي يقتصر على المكان المحدد، دون أن يفقد الصائم الوعي.
ب - أما إذا تمَّ الحقن في الأوردة أو الشرايين بالمادة المخدرة، فإن الصوم يبطل لسببين؛ أولهما: أن مائعا أدخل إلى البدن من مكان صار منفذًا عرفًا، والآخر: أن الصائم يفقد الوعي؛ لأن المادة المخدرة التي صبت في الدم قد توزعت على جميع البدن بواسطة الدورة الدموية، واتصلت بالمخ ومراكز الإحساس، وفقدان الوعي سبب لبطلان الصوم, والله أعلم.