للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نمر إلى أن نصل إلى ما قاله العلامة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في بحث له بعنوان "يسألونك عن الأهلة" يقول: "ولمعرفتنا وجود الهلال عقب المحاق في علم الله طرق:

أولها: رؤيته بالبصر رؤية لا يريبة تتطرقها، وهذا الطريق حسي ضروري ولا خلاف في العمل به.

ثانيها: مرور ثلاثين ليلة من وقت استهلاك الهلال الذي سبقه، وهذا الطريق قطعي تجريبي ولا خلاف فيه بين الأئمة.

ثالثها: دلالة الحساب الذي يضبطه المنجمون أعني العاملين بسير النجوم علمًا لا يتطرق قواعده شك، وحسابًا تحققت سلامته من الغلط وهو ما يسمى بالتقويم.

وبعد ذلك تعرضنا إلى ما قاله الأستاذ علال الفاسي وكثير من الإخوان الذين تعرضوا إلى هذا الموضوع، وبهذا ندرك أن النصوص التي استشهد بها على حصر الرؤية بالبصر لا يمكن أن تكون دليلًا على منع إثبات الشهر بغير الرؤية البصرية لأن هذه النصوص وإن أفردت رؤية بالذكر فإنها لم تقصر إثبات الشهر على البصر بل اقتصرت على ذكر وسيلة من وسائل إثبات الرؤية.

العنوان الخامس: نتائج واقتراحات:

يبدو أننا لم نظفر إلى الآن بنتائج إيجابية للتقريب بين الذين يجيزون العمل بالحساب وبين الذين يقصرون ثبوت الشهر على الرؤية البصيرة وحدها، فالفريق الأول يقو بالعمل بالحساب بشرط أن يكون الحاسبون جماعة من المسلمين موثوق في دينهم وعلمهم وأن يكون حسابهم متماشيًا مع الضوابط الشرعية مؤيدًا بحسابات المراصد الفلكية العالمية.

وعندما تتوفر هذه الشروط فلا مانع من اعتبار الحساب وسيلة ثانية من وسائل الإثبات، فتكون عند المسلمين وسيلتان لا وسيلة واحدة الرؤية والحساب، لا سيما وأن علم الهيئة أصبح من العلوم الصحيحة أقرته الأمة الإسلامية وقررت تدريسه في جامعاتها، وإذا تمكن المؤتمرات والندوات الإسلامية التي انعقدت لهذه الغاية أن تقيد عمل الحاسبين وأن تضبط الرؤية المرادة شرعًا وأن تقيدها بقيود اتفق عليها علماء الشريعة والفلك وبرزت بصيغة قرارات كانت جميعها متكاملة روعي فيها جانب النص كما روعي فيها جانب المصلحة وكانت غايتها جمع المسلمين وتوحيد أعيادهم ومواسمهم، فإن هذه المؤتمرات لم تتمكن من جانب آخر من إقناع القائلين بانفراد الرؤية البصرية على القول بالحساب في إثبات الشهور لان الرؤية عندهم أمر تعبدي لا يمكن أن يطرأ عليه أي تغير، فالأحكام أبدية والأسباب والشروط والموانع هي كذلك أبدية لأنها من وضع إلهي فما أثبت واجبًا يبقى كذلك، وقد ثبت أن الرؤية سبب شرعي للصوم والإفطار فلتبق كذلك منظورًا إليها نظر الأصول الثابتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>