للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كتب الحنابلة: أنه يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته إذا وصل باختياره وكان مما يمكن التحرز منه، سواء وصل من الفم على العادة أو غير العادة كالوجور واللدود أو من الأنف كالسعوط، أو ما يدخل في الأذن إلى الدماغ أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل، أو ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة، أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه أو من دواء المأمومة إلى دماغه فهذا كله يفطره لأنه واصل إلى جوفه باختياره فأشبه الأكل، وكذلك لو جرح نفسه أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه، سواء استقر في جوفه أو عاد فخرج منه، وبهذا كله قال الشافعي، وقال مالك: لا يفطر بالسعوط إلا أن ينزل إلى حلقه، ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة، واختلف عنه في الحقنة واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شيء، أشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا الجوف. (١)

وقال: فإن قطر في إحليله دهنًا لم يفطر به سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: يفطر. (٢)

وقال: ومن استقاء فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه.

وحكي عن ابن مسعود وابن عباس أن القيء لا يفطر، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: ((ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام)) ولأن الفطر بما يدخل لا بما يخرج.

واستدل القائلون بالفطر بحديث أبي هريرة: ((من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عامدًا فليقض)) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ورواه أبو داود وصححه الحاكم على شرط الشيخين، وردوا الحديث الأول وقالوا: إنه غير محفوظ يرويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف في الحديث، قاله الترمذي.

والحديث الثاني الذي استدل به القائلون بالفطر أنكره أحمد والبخاري وأبو داود، وجزموا بأنه غير محفوظ، وقال النسائي: وقفه عطاء على أبي هريرة. (٣)


(١) المغني، لابن قدامة: ٣/ ٩٦
(٢) المغني، لابن قدامة: ٣/ ١٠٠
(٣) انظر المغني: ٣/ ١٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>