للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما ينظر فيها ثانيًا من ناحية اتخاذ الحيوان وسيلة وحقلًا للتجارب، وهذا أمر مشروع، لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} . [البقرة: ٢٩]

فجميع الكائنات فوق هذه الأرض وفي باطنها وفي جوها والتي هي من خلق الله ومملوكة له، قد مكن منها الإنسان ليستفيد منها ويطورها تبعًا لما آتاه الله من ذكاء وقدرة على تطويعها في نطاق مصلحته الحقيقية، لا في نطاق هواه ونزواته، ودون تعسف أو فساد.

كما ينظر فيها ثالثًا على أساس أن ذلك مستوى علمي ستظهر الحاجة إليه واعتماده، فينقلب السعي إلى بلوغ ذلك المستوى واجبًا كفائيًّا على الأمة، على ما حققه أبو إسحاق الشاطبي من أن المباح أو المندوب بالجزء ينقلب واجبًا بالكل، فإذا كان التوجه للاستفادة من استنساخ الحيوان في ميدان العلاج أمرًا غير واجب على كل فرد من أعضاء الأمة الإسلامية، فإنه من ناحية تحتم أن يكون في الأمة الإسلامية من يغنيها في هذا الميدان عن الاحتياج لغيرها ينقلب واجبًا كفائيًّا تأثم الأمة كلها بتقصيرها فيه إذا هي لم تخصص الاعتمادات اللازمة والإطارات المقتدرة على البحث والاكتشاف.

الاستنساخ الحيواني لتحسين النوع

كما فتح الاستنساخ الحيواني لمخابر الدواء طرقًا جديدة في استحضاره، فإنه فتح في ميدان الفلاحة إمكانات جديدة لتحسين الإنتاج كمًّا ونوعًا.

لقد شرعوا في تجربة زرع الأجنة الممتازة المأخوذة من بييضات من أبقار مختارة لسرعة نموها أو لوفرة ما تدره من ألبان أو لمذاق لحمها، بعد تخصيبها خارج الرحم من فحول ممتازة؛ فتحمل البقرة اللقيحة لتبلغ بها إلى ولادتها في أمدها. ابتدأت البحوث من سنة ١٩٤٠ وبلغت نجاحها سنة ١٩٧٠، حتى وصل عدد الأبقار التي حملت بهذه الطريقة في سنة ١٩٩٦ (٢٧٠٠٠) بقرة بفرنسا.

إن هذه التقنية تأخذ مرحلة جديدة بعد الاستنساخ، ذلك أن الشبه في اللقيحة المخصبة خارج الرحم لا يحقق تماثلًا تامًّا بين البقرة صاحبة البييضة وبين النتاج، أما بواسطة التقنية الجديدة فإن التماثل سيكون قريبًا من التمام، وبذلك يمكن في النهاية امتلاك قطعان من الأبقار متماثلة في الشكل والعطاء وقوة المناعة مما يوفر أرباحًا أكثر للفلاحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>