وقبل أن نلقي نظرة على الموضوع نرى ضرورة التذكير ببعض الأمور.
الأول: أن كل حدث جديد - وخصوصًا إذا كان يتصل بمسألة حياتية كهذه مما يغير مجرى الحياة البشرية - لا بد أن يثير أجواء عاطفية ويغرق الأفكار في افتراضات وتخمينات بعضها رائع وبعضها مرعب ولكل بعض يتكون أنصار ومؤيدون، وفي هذه الأجواء ربما لا يستطيع الباحث أن يدرس الموضوع بكل موضوعية وتجرد وإنما يجنح مع هذا الفريق أو ذاك دون أن يشعر.
ولذا فمن البعيد التوصل إلى رأي اجتماعي أو علمي أو فقهي موضوعي في هذه المرحلة.
الثاني: أن الأبحاث العلمية لا يمكن منعها والوقوف بوجهها خصوصًا إذا كانت بهذا المستوى من التأثير الواسع، وإذا كانت تطل على عالم مجهول لتفتح مغاليقه ومجاهيله؟ فيجب التأمل كثيرًا قبل إصدار الأحكام المطلقة، ويجب أن نضع في الحسبان تلك الحالات التي سنواجهها شئنا أم أبينا.
الثالث: قد نجد بعض الافتراضات نتاجًا للخيال القصصي المجنح مما يؤثر سلبيًا على سلامة الدراسة كما أن بعض الافتراضات تحذر من أنماط الاستغلال السيئ، الأمر الذي يدفع الفقهاء والشرعيين للتحريم المطلق سدًا للذرائع، وقد مررنا من قبل بموضوع التلقيح الصناعي والافتراضات التي طرحت حوله ثم استسلم الفقهاء للأمر الواقع وراحوا يدرسون كل حالة على حدة بمنأى عن الضجيج والافتراضات، ومازال البحث فيه غير ناضج كما نعتقد.
الرابع: إن المنهج الصحيح هو دراسة نفس الحالة أولًا ومدى انطباق العناوين المحللة أو المحرمة عليها ثم محاولة معرفة النتائج المتوقعة والعوارض الناتجة لمعرفتها خلال أحكامها المعروفة، وقد تتشابك النتائج الحسنة والسيئة منها، مما يدعو إلى التأمل وملاحظة الأغلبية الساحقة في البين.
الخامس: يجب أن نعترف بأن الأخصائيين الطبيعيين لهم الحق وحدهم في تقرير الآثار العلمية المخربة أو الإيجابية لهذا الأسلوب ولا نستطيع نحن أن نقرر شيئًا إلا بعد انتهائهم من بحوثهم، نعم إذا انتهى هؤلاء إلى نتائج ولو كانت شبه قطعية أمكننا أن نلاحظ مدى انسجام هذه الآثار مع معتقداتنا ومع قيمنا ومع مبادئنا الإسلامية ونظريتنا السياسية والاجتماعية وتخطيطنا للحياة.
ومن هنا فلا ينبغي التسرع في الحكم ما دامت النتائج العملية غير قطعية.