وقد لبت الشريعة الإسلامية الغراء حاجات المسلمين على صعيد الفقه، عبر القرون، فأمدتهم بقواعد وأصول تتسم بالمرونة الهادفة إلى تحقيق المصالح ودرء المفاسد. وعمل فقهاء المسلمين على ضبط القواعد الفقهية وجمعها، كما عملوا على تلقينها لأبنائهم. بل إنهم استنبطوا أحكامًا لما كان يصادفهم من مسائل وقضايا، ووضعوا لكل مسألة الحلول التي تلائمها. ولذا فقد وصل إلينا بفضلهم تراث زاخر من المؤلفات الفقهية والبحوث والفتاوى التي تثري حياة الناس.
وإذا كان مجمع الفقه الإسلامي، والحال تلك، لم ينطلق حين شرع في أداء مهمته، من فراغ، فقد كان عليه أن يعمل على إغناء ذلك التراث الزاخر، من ناحية، وأن يسد كل ثغرة أو نقص طارئ ينجم عن ظروف الحياة المتطورة المعاصرة، من ناحية أخرى.
وقد حرصت هذه المؤسسة الفقهية منذ قامت على أن تعمل بأناة وانسجام مع تطور الحياة دون خروج على مبادئ الدين الحنيف. كما أصدرت مؤلفات وصاغت بحوثا ودراسات كي تكون في متناول الدول الأعضاء، للرجوع إليها ولاستيحاء ما يناسب المؤسسات والمجتمعات الإسلامية من القواعد الفقهية، مما يوفر التنسيق والانسجام بينها، ويسهم في تمهيد السبيل أمام تعزيز التضامن الإسلامي ودعم العمل المشترك.
نعم؛ لقد شهد مجمع الفقه الإسلامي، منذ قيامه، حركة علمية ناشطة، كان نتاجها مشروعات علمية نافعة هادفة إلى تقريب الفقه من أبناء هذه الأمة: باحثين ودارسين وفقهاء. ومن تلك المشروعات: الموسوعة الفقهية الاقتصادية – ومعلمة القواعد الفقهية – وتيسير الفقه الإسلامي – إلى جانب ما أصدره المجمع حتى الآن من نفيس الكتب الفقهية التراثية.