والمعتمد في ذلك كله ما قدمه ويقدمه، في كل دورة، السادة أعضاء المجمع، من منتدبين ومعينين ومراسلين، من جواهر العلم ونفائسه مما نزداد به عمقا في بحوثنا ودراساتنا. وإني لأراهم في أمرهم واجتهاداتهم على نحو ما وصف به محمد بن الحسن الشيباني العالم في قوله: هو من كان عالما بالكتاب والسنة، وبقول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما استحسن فقهاء المسلمين فهذا من يسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلي به، ويقضي به، ويمضي في صلاته وصيامه وحجه بجميع ما أمر به ونهي عنه. فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يأل، وسعه العمل بذلك، وإن أخطأ الذي ينبغي أن يقول فيه.
ويوضح هذا ما قاله أبو عمر بن عبد البر: إن الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم، وإنه لا يجتهد إلا عالم بها. ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف، ولم يجز له أن يحيل على الله قولًا في دينه لا نظير له من أصل، ولا هو في معنى أصل. وهذا لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديما وحديثا، فتدبره.
ولا يفوتني في ختام هذه الكلمة أن أجدد الشكر والامتنان لحضرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد – حفظه الله – ولأعضائه الميامين، وأنوه مع فائق التقدير بما يبذله رئيس مجلسنا العلمي العلامة الفقيه الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، كما ألتفت إلى السادة أعضاء المجلس العلمي بالمجمع فأحييهم أكمل تحية، وأرحب بهم أصدق ترحيب، وأشكرهم على ما تجشموه من مشاق السفر حتى التحقوا بنا، وسعدنا بلقائهم بهذا البلد الميمون.
حضرات أصحاب الفضيلة الفقهاء؛
حضرات السادة العلماء؛
زادكم الله علما وتثبيتا، وسدد خطانا وخطاكم على طريق الحق، حتى يستعيد المسلمون منهج الإسلام في سلوكهم، وهدي الرسول في معاملاتهم، والالتزام بشريعة الله في أحكامهم.
فأنتم- إن شاء الله- التالون لكتابه، المتدبرون لآياته الملتزمون بأحكامه، وأنتم المتمسكون بسنة نبيكم، وهي الحكمة، تنير لكم المسالك وتهديكم سبل الرشاد، وأنتم المطلعون على الآثار وعلى ما قاله العلماء والأئمة المجتهدون، تستعينون بكل ذلك حين تسألون أو تستفتون، لا تصدرون إلا عما فيه لكم مستمسك وبه اقتناع.
والله المنعم الكريم يلهمنا السداد ويقينا الزلل، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.